وسابقَتَه مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وما أجدني أنشرِح لقتله. قال: أما تعلم: أنه قتل أهلَ النهر العبّاد الصالحين! قال: بلى! قال: فنقتله بمن قَتل من إخواننا. فأجابه - فجاؤوا قَطام - وهي في المسجد الأعظم معتكِفة - فقالوا لها: قد أجمع رأينا على قتل عليّ؛ قالت: فإذا أردتم ذلك؛ فائْتُوني، ثم عاد إليها ابن ملجَم في ليلة الجمعة التي قُتل في صبيحتها عليّ سنة أربعين - فقال: هذه الليلة التي واعدتُ فيها صاحبيّ أن يقتل كلّ منا صاحبه، فدعت لهم بالحرير؛ فعصَبتْهم به، وأخذوا أسيافَهم؛ وجلسوا مقابل السدّة التي يَخرج منها عليّ، فلما خرج؛ ضربه شبيبٌ بالسيف، فوقع سيفُه بعِضادة الباب، أو الطّاق، وضَرَبَه ابنُ ملجَم في قَرْنه بالسيف، وَهرَب وَرْدان حتى دخل منزلَه، فدخل عليه رجل من بني أبيه وهو ينزع الحريرَ عن صدره، فقال: ما هذا الحرير والسيف؟ ! فأخبره بما كان وانصرف فجاء بسيفه فعلا به وَرْدان حتى قَتَله، وخرج شبيب نحو أبواب كِنْدة في الغَلَس، وصاح الناس، فلحقه رجل من حضرموتَ يقال له: عُوَيْمر، وفي يد شبيب السيف، فأخذه، وجَثم عليه الحضرميّ، فلما رأى الناسَ قد أقبلوا في طلبه، وسيفُ شبيب في يده خشيَ على نفسه، فتركه، ونجا شبيب في غُمار الناس، فشدّوا على ابن ملجم فأخذوه، إلّا أنّ رجلًا من هَمْدان يُكنّى أبا أدْماء أخذَ سيفه فضرب رجله، فصرَعه، وتأخّر عليّ، ورفع في ظهره جَعْدة بن هبيرة بن أبي وَهْب، فصلّى بالناس الغَدَاة، ثم قال عليّ: عليَّ بالرجل، فأُدْخِل عليه، ثم قال: أي عدوّ الله! ألم أحسِن إليك؟ ! قال: بلى! قال: فما حملك على هذا؟ قال: شحذتُه أربعين صباحًا، وسألتُ الله أن يقتل به شرّ خلقه؛ فقال عليه السلام: لا أراك إلا مقتولًا به، ولا أراك إلا مِن شرّ خلقه (١). (٥: ١٤٣/ ١٤٤/ ١٤٥).
١٢١٠ - وذكروا: أن ابن مُلجَم قال قبل أن يَضرب عليًّا - وكان جالسًا في بني بكْر بن وائل؛ إذ مُرّ عليه بجنازة أبجر بن جابر العجلّي أبي حجّار، وكان نصرانيًّا، والنصارى حولَه، وأناس مع حجّار لمنزلته فيهم يمشون في جانب وفيهم شقيق بن ثور - فقال ابن ملجم: ما هؤلاء؟ فأُخبِر الخبر، فأنشأ يقول:
(١) إسناده معضل، وقال المحدث الألباني: وهذا إسناد ضعيف معضل؛ فإن إسماعيل بن راشد هذا وهو السلمي الكوفي من أتباع التابعين مجهول الحال.