ولكنني أَنوِي بِذاك وسيلَةً ... إلى الله أو هذا فخُذ ذاك أَو ذَرِ
وذكر: أنّ محمد بن الحنفيَّة، قال: كنتُ والله إني لأصلِّي تلك الليلةَ التي ضُرب فيها عليّ في المسجد الأعظم في رجال كثير من أهل المِصْر، يصلون قريبًا من السدّة، ما هم إلّا قيام وركوع وسجود، وما يسأمون من أوّل الليل إلى آخره؛ إذ خرج عليّ لصلاة الغَداة، فجعل ينادِي: أتها الناس! الصلاةَ الصلاة! فما أدري أخرج من السُّدّة فتكلّم بهذه الكلمات أم لا! فنظرتُ إلى بريق، وسمعتُ: الحكْم لله يا عليّ! لا لك ولا لأصحابك، فرأيت سيفًا، ثم رأيت ثانيًا، ثم سمعتُ عليًّا يقول: لا يفوتنكم الرجل، وشدّ الناس عليه من كلّ جانب. قال: فلم أبرح حتى أُخذ ابنُ مُلجَم، وأدخِل على عليّ، فدخلت فيمن دخل من الناس، فسمعتُ عليًّا يقول: النَفْس بالنفس، إن أنا؛ مِتّ فاقتلوه كما قتَلَني، وإن بقيتُ؛ رأيت فيه رأيي.
وذكر: أنّ الناس دخلوا على الحسن فَزِعين لِما حدث من أمر عليّ، فبينما هم عنده وابن ملجم مكتوفٌ بين يديه، إذ نادته أمُّ كُلثوم بنت عليّ؛ وهي تبكي: أي عدوّ الله! لا بأسَ على أبي، والله مخزيك! قال: فعلى مَن تبكين؟ والله لقد اشتريتُه بألف، وسَممْته بألف، ولو كانت هذه الضّربة على جميع أهلِ المِصْر ما بقيَ منهم أحد.
وذكر: أن جُندَب بن عبد الله دخل على عليّ فسأله، فقال: يا أمير المؤمنين! إنْ فَقَدناك - ولا نَفْقِدك - فنُبايع الحسن؟ فقال: ما آمركم، ولا أنهاكم، أنتمْ أبصر. فردّ عليه مثلَها، فدعا حسنًا، وحسينًا، فقال: أوصيكما بتقوى الله، وألّا تَبغِيا الدنيا؛ وإن بَغتْكما، ولا تَبكيا على شيء زُوِي عنكما، وقُولَا الحقّ، وارحما اليتيم، وأغيثا الملهوف، واصنَعا للآخرة، وكونا للظالم خَصْمًا، وللمظلوم ناصرًا، واعْمَلا بما في الكتاب، ولا تأخذْكما في الله لومة لائم. ثم نظر إلى محمد بن الحنفيّة، فقال: هل حفظتَ ما أوصيتُ به أخوَيْك؟ قال: