نعم، قال: فإني أوصيك بمثله، وأوصيك بتوقير أخوَيك، لعظيم حقِّهما عليك، فاتبع أمرَهما، ولا تقطع أمرًا دونَهما. ثم قال: أوصيكُما به، فإنه شقيقكما، وابنُ أبيكما، وقد علمتما: أن أباكما كان يحبّه، وقال للحسن: أوصيك أي بُنَيَّ بتقوى الله، وإقامِ الصلاة لوقتها، وإيتاء الزكاة عند محلّها، وحسنِ الوضوء، فإنه لا صلاة إلا بطَهور، ولا تُقبَل صلاة من مانع زكاة، وأوصيكَ بغَفْر الذنب، وكَظْم الغيظ، وصلة الرِّحم، والحلم عند الجهل، والتفقه في الدين، والتثبُّت في الأمر، والتعاهُد للقرآن، وحسن الجِوار، والأمرِ بالمعروف، والنهي عن المنكر، واجتناب الفواحش.
فلما حضرتْه الوفاة؛ أوصىَ، فكانت وصيَّته:
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما أوصَى به عليّ بن أبي طالب، أوصَى: أنه يَشْهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمدًا عبدُه ورسولُه، أرسلَه بالهدى ودينِ الحق ليظهرَه على الدّين كله ولو كره المشركون، ثم إنّ صلاتي ونُسُكي وَمحيايَ ومماتي لله رب العالمين، لا شريكَ له وبذلك أمِرت وأنا من المسلمين؛ ثمّ أوصيك يا حسن وجميعَ ولدي وأهلي بتقوى الله ربّكم، ولا تموتُنّ إلّا وأنتم مسلمون، واعتَصِموا بحبل الله جميعًا ولا تَفرَّقوا، فإنّي سمعت أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - يقول:"إن صلاحَ ذات البين أفضلُ من عامّة الصلاة والصيام"! انظروا إلى ذوِي أرحامِكم فصلوهم يهوّن الله عليكم الحساب، اللهَ الله في الأيتام! فلا تُعنوا أفواهَهم، ولا يضيعُنّ بحضرتكم. واللهَ اللهَ في جيرانكم! فإنّهم وصية نبيِّكم - صلى الله عليه وسلم -، ما زال يُوصِي به حتى ظننّا أنه سيورِّثه. واللهَ اللهَ في القرآن! فلا يسبقَنَّكم إلى العملِ به غيرُكم. واللهَ الله في الصَّلاة، فإنها عمود دِينكم، واللهَ الله في بيتِ ربّكم فلا تُخفوه ما بقيتم، فإنه إن تُرِك لم يناظر، واللهَ الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم! والله الله في الزّكاة! فإنها تطفئ غضبَ الربّ، واللهَ الله في ذمّة نبيكم! فلا يُظْلمُنّ بين أظهركم، واللهَ الله في أصحاب نبيَّكم! فإنّ رسول الله أوصَى بهم، واللهَ الله في الفقراء والمساكين! فأشرِكوهم في معايشكم، واللهَ الله فيما ملكتْ أيمانكم! الصلاةَ الصلاةَ لا تخافُنّ في الله لومة لائم، يكفيكم من أرادكم، وبَغَى عليكم. وقولُوا للنّاس حُسْنًا كما أمركم الله، ولا تَتْركُوا الأمرَ بالمعروف والنهيَ عن