المنكر فيولّى الأمر شِراركم، ثم تَدْعُون فلا يُستجاب لكم، وعليكم بالتواصل والتباذُل، وإيّاكم والتدابر والتقاطُع والتفرّق، وتعاوَنوا على البِرّ والتقوى، ولا تَعاوَنوا على الإثم والعدوان، {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[الحشر: ٧]. حفظكم الله من أهلِ بيت، وحفظ فيكم نبيَّكم، أستودِعكم الله، وأقرأ عليكم السلامَ ورحمةَ الله.
ثم لم ينطق إلا "بلا إله إلا الله" حتى قُبِض رضيَ الله عنه، وذلك في شهر رمضان سنة أربعين، وغسّله ابناه الحسن، والحسين، وعبد الله بن جعفر، وكُفّن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص، وكَبّر عليه الحسن تسع تكبيرات، ثم ولِيَ الحسن ستة أشهر.
وقد كان عليٌّ نهى الحَسَن عن المُثْلة، وقال: يابني عبد المطلب! لا ألفينّكم تخوضون في دماءَ المسلمين، تقولون: قُتِل أمير المؤمنين، قُتِل أمير المؤمنين! ألا لا يقتَلنّ إلا قاتلي. انظر يا حسن؛ إنْ أنا مِتّ من ضربتِه هذه فاضربه ضربةً بضربة، ولا تمثل بالرّجل، فإني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: يقول: "إياكم والمُثْلة، ولو أنها بالكلب العَقور". فلمَا قُبض عليه السلام؛ بعث الحسن إلى ابن ملجم، فقال للحسن: هل لك في خصلة؟ إني والله ما أعطيتُ الله عهدًا إلا وفيتُ به! إني كنت قد أعطيت الله عهدًا عند الحَطيم أن أقتل عليًّا، ومعاويةَ، أو أموتَ دونهما، فإن شئتَ خلّيتَ بيني وبينه، ولك الله عليّ إن لم أقتله، أو قتلته، ثم بقيت أن آتيَك حتى أضعَ يدي في يدك. فقال له الحسن: أما والله حتى تعاين النارَ فلا، ثم قدّمه فقَتلَه، ثم أخذه الناسُ فأدرجوه في بواريّ، ثم أحرَقوه بالنار.
وأما البُرَك بن عبدالله؛ فإنه في تلك الليلة التي ضرب فيها عليٌّ قعد لمعاوية، فلما خرج ليصلّي الغداةَ شدّ عليه بسيفه، فوقع السيف في ألْيَته، فأخِذ، فقال: إنّ عندي خيرًا أسِرُّك به، فإن أخبرتُك فنافعي ذلك عندك؟ قال: نعم؛ قال: إنّ أخًا لي قَتَل عليًّا في مثل هذه الليلة، قال: فلعله لم يقدر على ذلك! قال: بلى! إنّ عليًّا يخرج ليس معه من يحرُسه؛ فأمر به معاوية فقُتِل، وبعث معاويةُ إلى الساعديّ - وكان طبيبًا - فلما نظر إليه قال: اخْتر إحدى خَصلتين: إما أن أحمِيَ حديدةً فأضعَها موضعَ السيف، وإمّا أن أسقيَك شربةً تَقطع منك الولَد، وتبرأ منها، فإنّ ضَرْبتك مسمومة، فقال معاوية: أمّا النار فلا