للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذا جاوزَتْ قُسْطانَةَ الرَّيِّ بَغلَتي ... فلستُ بسارٍ نحْوَها آخِرَ الدَّهرِ

ولكنَّنِي سارٍ وِإنْ قلّ ناصِرِي ... قريبًا فلا أُخزِيكما مَع مَنْ يَسْرِي

قال: وأقبل حتى نزل الكوفة، فلم يزل بها حتى قَدِم معاوية، وبعث المغيرة بن شعبة واليًا على الكوفة، فأحبّ العافية، وأحسن في الناس السيرة، ولم يفتِّش أهلَ الأهواء عن أهوائهم، وكان يؤتَى فيقال له: إنّ فلانًا يَرَى رأيَ الشِّيعة، وإنّ فلانًا يرى رأيَ الخوارج. وكان يقول: قضى الله ألا تزالون مختلفين، وسيَحْكم الله بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون، فأمِنه الناس، وكانت الخوارج يَلقَى بعضهم بعضًا، ويتذاكرون مكانَ إخوانهم بالنَّهْروان ويَروْن أن في الإقامة الغَبْن والوكَف، وأنّ في جهادِ أهل القبلة الفضل والأجر (١). (٥: ١٧٣/ ١٧٤).

قال أبو مخنف: فحدّثني النَّضْر بن صالح، عن أبيّ بن عُمارة: أنّ الخوارج في أيام المُغيرة بن شُعبة فَزِعوا إلى ثلاثةِ نفر؛ منهم المستورِد بن عُلّفة، فخرج في ثلاثة رجالٍ مقبلًا نحو جَرْجَرايا على شاطئ دِجلْة (٢). (٥: ١٧٤).

قال أبو مِخْنف: وحدّثني جعفر بن حُذَيفة الطائيّ من آل عامر بن جُوَين عن المحلّ بن خليفة: أنّ الخوارج في أيام المغيرة بن شعبة فزعوا إلى ثلاثة نفر؛ منهم المستورِد بن عُلّفة التّيميّ من تَيْم الرِّباب، وإلى حيّان بن ظَبيان السُّلميّ، وإلى معاذ بن جُوَين بن حُصين الطائيّ السِّنْبِسيّ - وهو ابن عمّ زيد بن حُصين، وكان زيد ممن قتله عليّ عليه السلام يوم النَّهْروان، وكان معاذ بن جُوَين هذا في الأربعمئة الذين ارتُثُّوا من قَتلَى الخوارج، فعفا عنهم عليّ عليه السلام - فاجتمعوا في منزل حيّان بن ظَبيان السُّلميِّ، فتشارووا فيمن يولُّون عليهم. قال: فقال لهم المستورِد: يا أيُّها المسلمون والمؤمنون، أراكم الله ما تحبّون، وعزلَ عنكم ما تَكرَهون، ولُّوا عليكم مَنْ أحببتم، فو الذي يَعلَم خائنةَ الأعين وما تُخفِي الصّدور ما أبالي مَن كان الوالي عليّ منكم! وما شرفَ الدنيا نريد، وما إلى البقاء فيها من سبيل، وما نريد إلا الخلود في دار الخلود. فقال حيّان بن ظَبْيان: أمّا أنا فلا حاجة لي فيها وأنا بك وبكلّ امرئٍ من إخواني راضٍ، فانظروا مَن شئتم


(١) إسناده تالف وفي متنه نكارة ومخالفة لما في الروايات الصحيحة التي ذكرنا في نتائج معركة النهروان وغير ذلك.
(٢) إسناده تالف.

<<  <  ج: ص:  >  >>