للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقصصتُ عليه القصّة، قال: فقال المستورد: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٦) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.

قال: فلبثنا بمكاننا ذاك يوصين أو ثلاثَة أيّام، ثم استبان لنا مسير معقلِ بن قيس إلينا. قال: فجمعَنَا المستورِد، فحَمِد الله وأثنَى عليه، ثم قال: أمّا بعدُ، فإن هذا الخَرِق معقل بن قيس قد وجّه إليكم وهو من السَّبَئيَّة المفترين الكاذبين، وهو لله ولكم عدوّ، فأشيروا عليّ برأيكم. قال: فقال له بعضنا: والله ما خرجْنا نريد إلا الله، وجهاد مَن عادى الله، وقد جاؤونا فأين نذهب عنهم! بل نقيم حتى يحكم الله بيننا وبينهم وهو خير الحاكمين، وقالت طائفة أخرى: بل نعتَزِل ونتنحَّى ندعو الناسَ ونحتجّ عليهم بالدعاء.

فقال: يا معشر المسلمين! إني والله ما خرجتُ ألتمس الدنيا ولا ذكرَها ولا فخرَها ولا البقاءَ، وما أحبّ أنها لي بحذافيرها، وأضعاف ما ويُتنافَس فيه منها بقبَالِ نعلي! وما خرجتُ إلا التماسَ الشهادة، وأن يهديَني الله إلى الكرامة بهَوان بعض أهل الضّلالة، وإني قد نظرت فيما استشرتُكم فيه فرأيت ألّا أقيمَ لهم حتى يُقدِموا عليّ وهم جامّون متوافِرون، ولكن رأيت أن أسيرَ حتى أمعِن فإنهم إذا بلغهم ذلك خرجوا في طَلَبِنا، فتقطّعوا وتبدّدوا، فعَلَى تلك الحال ينبغي لنا قِتالهم، فاخرجوا بنا على اسم الله عزّ وجل.

قال: فخرجنا فمضينا على شاطئ دِجْلة حتى انتهينا إلى جَرْجَرايا، فعبَرْنا دِجلة، فمضينا كما نحن في أرض جُوخَى حتى بلغنا المَذار، فأقمنا فيها، وبلغ عبد الله بن عامر مكاننا الذي كنا فيه، فسأل عن المغيرة بن شعبة، كيف صنع في الجيش الذي بعث إلى الخوارج؟ وكم عِدّتهم؟ فأخبِر بعِدّتهم، وقيل له: إنّ المغيرة نظر إلى رجل شريف رئيس قد كان قاتلَ الخوارج مع عليّ عليه السلام، وكان من أصحابه، فبَعثَه وبعث معه شيعةَ علي لعداوتهم لهم، فقال: أصاب الرأيَ، فبعث إلى شريك بن الأعور الحارثيّ - وكان يَرَى رأيَ عليٍّ عليه السلام - فقال له: اخرج إلى هذه المارِقة فانتخِب ثلاثة آلافِ رجل من الناس، ثم أتبعْهم حتى تُخرجَهم من أرض البَصْرة أو تقتلهم، وقال له بينه وبينه: اخرج إلى أعداء الله بمن يستحلّ قتالَهم من أهل البصرة، فظَنّ شريك به إنما يعني شيعَة عليّ عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>