للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَخزاةٌ وعار ولؤم، ثمّ كرّ راجعًا، ورجعتْ معه خيلٌ عظيمة، فشدّوا عليهم ومعقِل بن قيس يُضارِبهم تحتَ رايته مع ناس نَزلُوا معه من أهل الصّبر، فضَرَبوهم حتى اضطرّوهم إلى البيوت، ثمّ لم يلبثوا إلا قليلًا حتى جاءهم مُحرِز بن شهاب فيمن تخلَّف من الناس، فلما أتوهم أنزَلَهم ثم صفّ لهم، وجعل ميمنةً وميسَرة، فجعل أبا الروّاغ على ميمنته ومحرزَ بن بُجير بن سُفيان على مَيسرته ومسكينَ بن عامر على الخيل، ثم قال لهم: لا تَبرَحوا مَصافَّكم حتى تصبحوا، فإذا أصبحْتم ثُرْنا إليهم فناجَزْناهم، فوقف الناس مواقفهَم على مَصافِّهم (١). (٥: ١٩٥/ ١٩٦ / ١٩٧).

قال أبو مخنف: وحدّثني عبد الرحمن بن جندب، عن عبد الله بن عُقْبة الغَنوِي، قال: لما انتهى إلينا معقل بن قيس قال لنا المستورد: لا تَدَعُوا مَعقِلًا حتى يعبِّيَ لكم الخيل والرَّجْل، شُدّوا عليهم شَدَّةً صادقة، لعلّ الله يَصرَعه فيها. قال: فشددْنا عليهم شدة صادقة، فانكشفوا فانفضّوا ثم انجفلوا ووثب مَعقِل عن فرسِه حين رأى إدبارَ أصحابه عنه، فرفع رايتَه، ونزل معه ناس من أصحابه، فقاتَلوا طويلًا، فصبروا لنا، ثم إنهم تداعَوا علينا، فعطفوا علينا من كلّ جانب، فانحَزْنا حتى جعلنا البيوتَ في ظهورنا، وقد قاتلْناهم طويلًا، وكانت بيننا جِراحةٌ وقتلٌ يسير (٢). (٥: ١٩٧/ ١٩٨).

قال أبو مخنف: حدّثني حصيرة بن عبد الله عن أبيه: أنّ عُمَير بن أبي أشاءة الأزديّ قُتِل يومئذ وكان فيمن نزل مع معقلِ بن قيس، وكان رئيسًا.

قال: وكنتُ أنا فيمن نَزَل معه، فواللهِ ما أنسَى قولَ عُمَيْر بن أبي أشاءة ونحن نقتتِل وهو يضارِبهُم بسيفه قُدْما:

قد عَلِمتْ أَنّي إذا ما أَقْشَعُوا ... عنّيَ والتاثَ اللئامُ الوُضَّعُ

أحْوَسُ عند الرَّوْعِ نَدْبٌ أَرْوَعُ

وقاتل قتالًا شديدًا ما رأيت أحدًا قاتَلَ مثلَه، فجَرح رجالًا كثيرًا، وقَتَل وما أدري أنه قتل، ما عدا واحدًا وقد علمت أنه اعتنقه، فخرّ على صدره


(١) إسناده تالف.
(٢) إسناده تالف.

<<  <  ج: ص:  >  >>