للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدوّ الذي هو عدوّ لنا ولهم حتى يستأصلَهم الله ثم نرجع؟ فقال خالد بن مَعْدان وبَيْهس الجَرْميّ: لا والله، لا نفعل، إنما أقبلْنا نحوَهم لننفيَهم عن أرضنا، ونمنَعَهم من دخولها، فإنْ كفانا الله مؤونَتَهم فإنا منصَرِفون إلى مِصْرِنا، وفي أهل الكوفة من يَمنعون بلادَهم من هؤلاء الأكلب؛ فقال لهم: وَيْحَكم أطيعوني فيهم، فإنهم قومُ سُوء، لكم في قتالِهم أجرٌ وحُظْوة عند السلطان، فقال له بَيْهس الجَرميّ: نحن والله إذًا كما قال أخو بني كنانة:

كَمُرْضِعَةٍ أَوْلَادَ أُخْرَى وضيّعتْ ... بَنِيها فَلَمْ تَرْقَعْ بذَلك مَرْقَعَا

أما بَلَغك: أنّ الأكراد قد كفروا بجبال فارسَ! قال: قد بلغني، قال: فتأمرنا أن ننطَلق معك نحمِي بلادَ أهل الكوفة، ونقاتل عدوّهم، ونترك بلادَنا، فقال له: وما الأكراد! إنما يكفيهم طائفة منكم؛ فقال له: وهذا العدوّ الذي تَندُبنا إليه إنما يكفيه طائفة من أهل الكوفة، إنهم لعَمْري لو اضطُرّوا إلى نُصْرتنا لكان علينا نُصرتَهُم، ولكنهم لم يحتاجوا إلينا بعد، وفي بلادنا فتقٌ مثل الفَتْق الذي في بلادهم، فليُغنوا ما قِبَلهم، وعلينا أن نغنيَ ما قِبلَنا، ولَعَمري لو أنَّا أطعناك في اتباعهم فاتّبعتهم كنتَ قد اجترأتَ على أميرك، وفعلتَ ما كان ينبغي لك أن تطلع فيه رأيه، ما كان ليحتمِلها لك، فلما رأى ذلك قال لأصحابه: سيروا فارتحِلوا، وجاء حتى لقي معقلًا - وكانا متحابَّيْن على رأي الشيعة متوادَّين عليه - فقال: أما والله لقد جَهدت بمن معي أن يتبعوني حتى أسير معكم إلى عدوكم فغلبوني، فقال له معقل: جزاك الله من أخ خيرًا! إنا لم نحتجْ إلى ذلك، أما والله إنّي أرجو أن لو قد جهدوا لا يُفلت منهم مُخبر (١). (٥: ١٩٩/ ٢٠٠/ ٢٠١).

قال أبو مخنف: حدّثني الصَّقْعَب بن زُهير عن أبي أمامة عُبيد الله بن جُنادة، عن شريك بن الأعور، قال: حدّثنا بهذا الحديث شَرِيك بن الأعور، قال: فلمّا قال: والله إني لأرجو أن لو جهدوا لا يُفلت منهم مخبِر، كرهتُها والله له، وأشفقتُ عليه، وحسبت أن يكون شبَه كلام البَغْي؛ قال: وايمُ اللهِ ما كان من أهل البَغي (٢). (٥: ٢٠١/ ٢٠٢).


(١) إسناده تالف.
(٢) إسناده تالف.

<<  <  ج: ص:  >  >>