للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأطراف الرّماح جُثاةً على الرُّكَب فلا نَقدر عليهم، فقال: لنا المستورد: دَعُوا هؤلاء إذا نزلوا وشُدّوا على خَيْلهم حتى تَحُولوا بينها وبينهم، فإنكم إن أصبتم خيلَهم فإنهم لكم عن ساعة جُزرٌ؛ قال: فشَددْنا على خيلهم، فحُلْنَا بينهم وبينها، وقطعْنا أعنّتها، وقد كانوا قَرَنوها، فذهبتْ في كلّ جانب، قال: ثمّ مِلْنا على الناس المتزحّلين والمتقدّمين، فحمَلْنا عليهم حتى فرقنا بينهم، ثم أقبلنا إلى معقل بن قيس وأصحابه جُثاة على الرُّكب على حالهم التي كانوا عليها، فحَمَلْنا عليهم، فلم يتحَلحَلوا، ثم حَمَلْنا عليهم أخرى، ففعلوا مِثلَها، فقال لنا المستورد: نازِلوهم، لينزلِ إليهم نصفُكم، فنزل نصفُنا، وبقي نصفُنا معه على الخيل، وكنتُ في أصحاب الخيل.

قال: فلما نزل إليهم رجّالتنا قاتلتْهم، وأخذنا نَحمِل عليهم بالخيل، وطمِعنا والله فيهم، قال: فوالله إنَّا لَنُقاتلهم ونحن نُرَى أن قد عَلَوناهم إذْ طلعتْ علينا مقدّمة أصحاب أبي الروّاغ، وهم حُرّ أصحابه وفُرسانُهم، فلما دنَوا منّا حملوا علينا، فعند ذلك نزلنا بأجمعنا فقاتلناهم حتى أصيب صاحبنا وصاحبُهم، قال: فما علمتُه نجا منهم يومئذ أحدٌ غيري، قال: وإني أحدثُهم رَجُلًا فيما أرَى (١). (٥: ٢٠٣/ ٢٠٤/ ٢٠٥).

قال أبو مخنف: حدَّثني عبد الرحمن بن جندب عن عبد الله بن عُقْبة الغَنَويّ، قال: وحدّثنا بهذا الحديث مرّتين من الزمن، مرّة في إمارة مصعب بن الزبير بباجُمَيْرَا، ومرّةً ونحن مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بَديْر الجماجم، قال: فقُتِل والله يومئذ بدَيْر الجماجم يومَ الهزيمة، وإنه لمقْبِل عليهم يضاربهم بسيفه وأنا أراه؛ قال: فقلت له بدير الجماجم: إنك قد حدّثتني بهذا الحديث بباجُمَيرا مع مصعب بن الزبير، فلم أسألك كيف نجوتَ من بين أصحابك؟ قال: أحدّثك، والله إنّ صاحبنا لما أصيب قُتِل أصحابُه إلا خمسة نفر أو ستة؛ قال: فشَدَدْنا على جماعة من أصحابه نحو من عشرين رجلًا، فانكَشَفوا.

قال: وانتهيت إلى فرس واقف عليه سَرْجُه ولجامه، وما أدري ما قصّة صاحِبه أقُتِل أم نَزل عنه صاحبُه يقاتل وتركه! قال: فأقبلتُ حتى أخذتُ بلِجامه،


(١) إسناده تالف.

<<  <  ج: ص:  >  >>