الحسن عن هشام، عن محمد بن سيرين، قال: خطب زياد يومًا في الجمعة فأطال الخطبة وأخّر الصلاة، فقال له حُجْر بن عديّ: الصلاة! فمضى في خطبته، ثم قال: الصلاة! فمضى في خطبته، فلما خشي حُجر فَوْتَ الصلاة ضرب بيده إلى كفّ من الحصا، وثارَ إلى الصلاة وثار الناسُ معه، فلما رأى ذلك زياد نزل فصلّى بالنّاس، فلما فرغ من صلاته كتب إلى معاوية في أمره، وكثَّر عليه.
فكتب إليه معاوية أن شُدَّه في الحديد، ثم احمله إليّ، فلما أن جاء كتاب معاوية أراد قومُ حُجر أن يمنَعوه، فقال: لا، ولكن سمعٌ وطاعة، فشدّ في الحديد، ثم حُمل إلى معاوية، فلما دخل عليه قال: السّلام عليك يا أميرَ المؤمنين ورحمةُ الله وبركاته، فقال له معاوية: أمير المؤمنين! أما والله لا أقِيلك ولا أستَقِيلك، أخرجوه فاضربوا عنقَه، فأخرج من عنده، فقال حُجر للذين يَلُون أمرَه: دعوني حتى أصلّي ركعتين؛ فقالوا: صلّ؛ فصلّى ركعتين خففّ فيهما، ثم قال: لولا أن تظنّوا بي غيرَ الذي أنا عليه لأحببتُ أن تكونا أطولَ مما كانتا، ولئن لم يكن فيما مضى من الصلاة خيرٌ فما في هاتين خير؛ ثم قال لمن حضره من أهله: لا تُطلِقوا عني حديدًا، ولا تغسلوا عني دمًا، فإني ألاقي معاوية غدًا على الجادّة، ثم قُدِّم فضربتْ عنقُه.
قال مخلد: قال هشام: كان محمد إذا سئل عن الشهيد يُغسَّل، حدَّثهم حديثَ حُجْر.
قال محمد: فلقيَتْ عائشة أمّ المؤمنين معاوية - قال مخلد: أظنّه بمكة - فقالت: يا معاوية، أين كان حِلمُك عن حُجْر! فقال لها: يا أمّ المؤمنين! لم يحضرني رشيد!
قال ابن سيرين: فبلغنا أنه لما حضرتْه الوفاة جعل يُغرغِر بالصوت ويقول: يومي منك يا حُجْر يومٌ طويل! (١)(٥: ٢٥٦/ ٢٥٧).
(١) في إسناده مسلم الجرمي مجهول الحال إن لم يكن مجهول العين، ومخلد بن الحسن البصري مقبول (أي: إذا توبع وإلا فلين الحديث) وكذلك أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب (١/ ت ٥٣٧) وفي إسناده أحمد بن محمد بن الحجاج، قال ابن عدي: كذبوه وأنكرت عليه أشياء وذكر الذهبي بعضًا من بواطيله في الميزان وقال ابن أبي حاتم: سمعت منه بمصر =