قال أبو مخنف: عن الصقعب بن زهير، عن الحسن، قال: أربع خصال كنّ في معاوية؛ لو لم يكن فيه منهنّ إلا واحدة لكانت مُوبِقة: انتزاؤه على هذه الأمّة بالسفهاء حتى ابْتزَّها أمرَها بغير مَشُورة منهم وفيهم بقايا الصّحابة وذو الفضيلة. واستخلافُه ابنه بعده سِكّيرًا خِمّيرًا، يلبس الحرير ويَضرِب بالطنابير. وادّعاؤه زيادًا، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الولد للفِراش، وللعاهِر الحجَرُ". وقتلهُ حُجْرًا، ويْلًا له من حُجْرٍ! مرّتين.
وقالت هند ابنة زيد بن مخرمة الأنصاريّة، وكانت تَشَيَّع تَرثِي حُجْرًا:
تَرفَّع أيّها القمرُ المنِيرُ ... تبَصَّرْ هل ترى حُجْرًا يَسيرُ
يسيرُ إلى معاويةَ بن حرْبٍ ... ليقْتُلَهُ كما زعم الأَميرُ
تجَبَّرَتِ الجَبابِرُ بعد حُجْرٍ ... وطابَ لها الخَوَرْنَقُ والسَّدِيرُ
وأصَبَحَتِ البلادُ بها مُحُولًا ... كأَن لم يُحْيها مُزْنٌ مَطِيرُ
ألا يا حُجْرُ حجْر بني عَدِيٍّ ... تلقَّتكَ السلامةُ والسُّرُور
أخافُ عليك ما أَرْدَى عَدِيًّا ... وشَيخًا في دِمشقَ له زئيرُ
يَرَى قتلَ الخِيارِ عليه حقًّا ... له من شَرٍّ أُمَّتِهِ وَزير
ألا يا ليتَ حُجْرًا مات مَوْتًا ... ولم ينحَرْ كما نُحِرَ البعيرُ
فإن تَهلِكْ فكلُّ زعيمِ قَومٍ ... من الدنيا إلى هُلكٍ يَصِيرُ
وقالت الكنديّة ترثي حُجرًا- ويقال: بل قائلها هذه الأنصاريّة:
دُموعُ عيْنِي دِيمةٌ تَقطُرُ ... تبكِي على حُجْرٍ وما تَفتُرُ
لو كانت القوْس على أَسرِه ... ما حُمِّلَ السيفَ له الأَعورُ
وقال الشاعر يحرّض بني هند من بني شَيْبانَ على قيس بن عُباد حين سعى بصَيفيّ بن فَسِيل:
دَعا ابنُ فسيل يالَ مُرَّةَ دعوةً ... ولاقى ذبابَ السيف كَفًّا ومِعْصما
فحَرِّضْ بني هِند إذا ما لَقِيتَهُمْ ... وقُلْ لِغِياثٍ وابنهِ يَتَكلَّما
لِتَبْكِ بني هِندٍ قتيلةُ مِثلَ ما ... بكَتْ عِرْسُ صَيْفِيٍّ وتبعثُ مأْتما
غياث بن عمران بن مرّة بن الحارث بن دُبّ بن مرّة بن ذهل بن شَيْبان، وكان شريفًا، وقُتيلَةُ أخت قيس بن عُباد، فعاش قيس بن عباد حتى قاتل مع ابن الأشعث في مواطنه، فقال حَوْشب للحجّاج بن يوسف: إن منّا امرأ صاحب