وما كنتُ أهوى بعدهمْ مُتعَلّلًا ... بشيءٍ من الدنيا ولا أَن أُعَمَّرا
أقولُ ولا والله أنَسى ادِّكارَهمْ ... سجِيسَ اللَّيالي أو أموتَ فأُقْبَرا
على أَهلِ عذراءَ السلامُ مُضاعَفًا ... من الله وليُسْق الغمامَ الكَنهْوَرا
ولاقى بها حُجْرٌ من الله رحمةً ... فقد كان أَرْضى اللهَ حجرٌ وأعذَرا
ولا زالَ تَهْطال مُلِثٌّ وديمة ... على قبرِ حُجْرٍ أو ينادَى فيُحْشَرا
فيا حُجْرُ مَنْ للخيل تُدْمَى نُحُورُها ... وللمَلِك المُغْزِي إذا ما تَغْشمَرا
ومَن صادِعٌ بالحقّ بعدكَ ناطِق ... بتقَوى ومَنْ إن قيلَ بالجَوْرِ غيّرا
فنِعْم أخو الإسلام كنتَ وإنني ... لأطمَعُ أن تُؤتى الخلودَ وتُحْبَرا
وقد كنتَ تعطى السيفَ في الحرب حَقَّه ... وتَعرِفُ مَعرُوفًا وتنكِرُ مُنكَرا
فيا أخَوَيْنا من هُمَيمٍ عُصِمْتُما ... ويُسّرْتُما للصالحاتِ فأَبْشِرا
ويا أخَوَيَّ الخِندفِيَّين أَبْشِرا .... فقد كنتما حيِّيتُما أن تُبَشَّرا
ويا إخْوَتا من حضرموتَ وغالب ... وشيبانَ لُقِّيتُمْ حسابًا مُيَسَّرا
سَعِدْتُم فلم أسمع بأصوَبَ مِنكُمُ ... حِجاجًا لدَى الموتِ الجليل وأصبَرا
سأبكِيكمُ ما لاح نجْم وعَرّدَ الـ ... ـحمامُ بِبَطْن الوادِيَيْنِ وقَرَقرا
فقلتُ ولم أظلم اغَوثَ بنَ طيِّئٍ ... متى كنتُ أخشَى بينكم أن أُسَيّرا!
هَبِلتُم أَلا قاتَلتُمُ عن أخيكمُ ... وقد ذَبَّ حتى مال ثم تجَوَّرا
ففرّجتُمُ عني فغُودِرتُ مُسلَمًا ... كأني غريب في إِيادٍ وأعصُرا
فمن لكم مثِلي لدَى كلِّ غارةٍ ... ومن لكُم مثلي إذا البأسُ أصحرا
ومن لكمُ مثلي إذا الحربُ قلَّصَتْ ... وأوضعَ فيها المُسْتَمِيتُ وشَمَّرا
فَها أَنا ذا دارِي بأجبَال طَيْئٍ ... طَرِيدًا ولو شاءَ الإلهُ لَغيّرَا
نَفاني عَدُوِّي ظالمًا عن مُهاجَرِي ... رضيتُ بما شاءَ الإِلهُ وقَدَّرا
وأسلَمَني قومي لغيرِ جِنايةٍ ... كأن لم يكونوا لي قَبيلًا ومَعشَرا
فإنْ أُلْفَ في دارٍ بأَجبالِ طيّئٍ ... وكان معانًا من عُصَيْر ومحضَرا
فما كنتُ أخشى أن أُرَى مُتغَرِّبا ... لحَا اللهُ من لاحَى عليه وكثَّرا
لحا الله قتل الحضرميّين وائلا ... ولَاقى الفَنَا من السنان الموفَّرا
ولَاقَى الرَّدى القومُ الذين تحزّبوا ... علينا وقالوا قَول زُورٍ ومُنكَرا
فلا يَدْعُني قومٌ لَغوثِ بن طيئٍ ... لأنْ دَهرُهم أشقَى بهم وتغيّرا
فلم أغزُهمْ في المُعلَمِينَ ولم أُثر ... عليهمْ عَجاجًا بالكُوَيفةِ أكَدَرا