حسينًا أعظم في أعينهم وأنفسهم منه، وأطوَعُ في الناس منه.
فلما بلغ أهلَ الكوفة هلاكُ معاوية أرجف أهلُ العراق بيزيد، وقالوا: قد امتنع حسين وابن الزبير، ولَحِقا بمكة، فكتب أهل الكوفة إلى حسين، وعليهم النعمان بن بَشير (١). (٥: ٣٥١ - ٣٥٢).
قال أبو مخنف: فحدّثني الحجّاج بنِ عليّ عن محمد بن بشر الهَمْدانيّ، قال: اجتمعت الشيعة في منزل سليمان بن صُرد، فذكرْنا هلاكَ معاوية، فحمِدنْا الله عليه، فقال لنا سليمان بن صُرَد: إنّ معاوية قد هلك، وإنّ حسينًا قد تقتضَ على القوم ببيعته، وقد خرج إلى مكة، وأنتم شيعته وشيعة أبيه، فإنْ كنتمِ تعلَمون: أنكم ناصروه ومجاهدو عدوّه فاكتبوا إليه، وإن خفتم الوهَلَ والفشَل فلا تغرُّوا الرَّجلَ من نفسه، قالوا: لا، بل نقاتل عدوَّه ونقتل أنفسنا دونه؛ قال: فاكتبوا إليه، فكَتَبوا إليه:
بسم الله الرحمن الرحيم، لحسين بن عليّ من سُليمان بن صُرَد، والمسيّب بن نَجبَة، ورفاعة بن شدّاد، وحبيب بن مُظاهر، وشيعته من المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة، سلامٌ عليك، فإنا نحمَد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فالحمد لله الذي قَصَم عدوَّك الجبَّار العنيد الذي انتزى على هذه الأمة فابتزّها أمرَها، وغصَبَها فَيْئَهَا وتأمّر عَلَيْها بغير رضًا منها، ثم قتل خيارَها، واستبقَى شِرارَها، وجعل مال الله دُولةً بين جبابرتها وأغنيائها، فبُعْدًا له كما بَعِدتْ ثمود! إنه ليس علينا إمام، فأقبِلْ لعلّ الله أن يجمعنا بك على الحقّ، والنعمان بن بشير في قصر الإمارة لسنا نجتمع معه في جُمعة، ولا نخرج معه إلى عيد، ولو قد بلغَنا أنك قد أقبلتَ إلينا أخرجْناه حتى نلحقه بالشأم إن شاء الله؛ والسلام ورحمةُ الله عليك.
قال: ثم سرّحنا بالكتاب مع عبد الله بن سَبُع الهَمْدانيّ وعبد الله بن وال، وأمرناهما بالنَّجاء؛ فخرج الرجلان مسرِعَيْن حتى قَدِما على حسين لعشر مضين من شهر رمضانَ بمكة، ثم لبثْنا يومين، ثم سرّحنا إليه قيسَ بن مُسْهر الصَّيداويّ وعبد الرحمن بن عبد الله بن الكدن الأرحبيّ وعُمارة بن عبيد السَّلوليّ، فحملوا