للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونكثْتُم بَيْعتكم، وخالفتم إمامكم، فوالله الذي لا إله غيره لأضربنكم بسيفي ما ثبت قائمهُ في يدي، ولو لم يكن لي منكم ناصر، أمَا إنّي أرجو أن يكون من يعرف الحق منكم أكثر مما يُرْديه الباطل.

قال: فقام إليه عبد الله بن مسلم بن سعيد الحضرميّ حليف بني أميّة فقال: إنه لا يصلح ما ترى إلّا الغَشْم، إنَّ هذا الذي أنت عليه فيما بينك وبين عدوّك رأيُ المستضعَفين؛ فقال: أنْ أكون من المستضعَفين في طاعة الله أحبُّ إليّ من أن أكون من الأعزِّين في معصية الله؛ ثم نزل.

وخرج عبد الله بن مسلم، وكتب إلى يزيد بن معاوية: أما بعد، فإن مسلم بن عَقيل قد قدم الكُوفة فبايعتْه الشيعةُ للحُسَين بن عليّ، فإن كان لك بالكوفة حاجةٌ فابعث إليها رجلًا قويًّا ينفّذ أمرَك، ويعمَل مثلَ عملك في عدوّك، فإنّ النعمان بن بشير رجل ضعيف؛ أو هو يتضعّف. فكان أوّل من كتب إليه.

ثم كتب إليه عمارة بن عقبة بنحو من كتابه، ثم كتب إليه عمر بنُ سعد بن أبي وقّاص بمثل ذلك (١). (٥: ٣٥٥ - ٣٥٦).

قال هشام: قال عَوانة: فلما اجتمعت الكتب عند يزيدَ ليس بين كتبهم إلا يومان، دعا يزيد بن معاوية سَرْجون مولى معاوية فقال: ما رأيك؟ فإنّ حسينًا قد توجّه نحو الكوفة، ومسلم بن عقيل بالكوفة يبايع للحسين، وقد بلغني عن النعمان ضعْفٌ وقوْلٌ سيئ -وأقرأه كتبهم- فما ترى من أستعمل على الكوفة؟ وكان يزيد عاتبًا على عُبيد الله بن زياد؛ فقال: سرجون: أرأيتَ معاويةَ لو نُشِر لك، أكنتَ آخذًا برأيه؟ قال: نعم؛ فأخرج عهدَ عبيد الله على الكوفة فقال: هذا رأيُ معاوية، ومات وقد أمر بهذا الكتاب، فأخذ برأيه وضّم المصرَين إلى عبيد الله، وبعث إليه بعهده على الكوفة.

ثم دعا مسلم بن عمرو الباهليّ -وكان عنده- فبعثه إلى عبيد الله بعهده إلى البصرة، وكتب إليه معه: أما بعد، فإنه كتب إليّ شيعتي من أهل الكوفة يخبرونني أنّ ابن عَقِيل بالكوفة يجمع الجموعَ لشقّ عصا المسلمين؛ فسِرْ حين


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>