للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس! يقولون إنا تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا خير الأعمام، ولم نرْم معهم بسهم، ولم نطعن معهم برُمح، ولم نضربْ سهم بسيف، ولا ندري ما صنعوا! لا والله لا نفعل ولكن تفدِيك أنفسنا وأموالُنا وأهلُونا، ونقاتل معك حتى نَرِدَ مَورِدكَ، فقبح الله العيش بعدَك (١)! (٥: ٤١٨ - ٤١٩).

قال أبو مخنف: حدّثني عبد الله بن عاصم، عن الضّحاك بن عبد الله المِشرقيّ، قال: فقام إليه مسلم بن عَوْسجة الأسديّ فقال: أنحنُ نخلّي عنك ولمّا نُعذِر إلى الله في أداء حقك! أما والله حتى أكسرَ في صدورهم رُمْحي، وأضربَهم بسيفي ما ثبت قائمهُ في يدي، ولا أفارقك؛ ولو لم يكن معي سلاح أقاتلُهم به لقذفتُهم بالحجارة دونَك حتى أموت معك.

قال: وقال سعيد بن عبد الله الحنفيّ: والله لا نخلّيك حتى يعلم الله أنا حفظنا غيبةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيك، والله لو علمتُ أني أقتل ثم أحيا ثمّ أُحرَق حيًّا ثم أذرّ؛ يُفعلُ ذلك بي سبعين مرّة ما فارقتُك حتى ألقَى حِمامي دونَك، فكيف لا أفعل ذلك! وإنما هي قَتْلة واحدة، ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبدًا.

قال: وقال زهير بن القَيْن: والله لوددتُ أنّي قُتِلت، ثم نشِرت، ثم قتِلت حتى أقتل كذا ألف قتلة، وأن الله يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتية من أهل بيتك، قال: وتكلم جماعة أصحابه بكلام يشبه بعضُه بعضًا في وجه واحد، فقالوا: والله لا نفارِقُك، ولكنْ أنفسنا لك الفداء نَقِيك بنحورنا وجباهنا وأيدينا، فإذا نحن قُتلنا كنّا وَفيْنا، وقَضينا ما علينا (٢). (٥: ٤١٩ - ٤٢٠)

قال أبو مخنف: حدّثني الحارث بن كعب وأبو الضحاك، عن عليّ بن الحسين بن عليّ قال: إني جالس في تلك العشيّة التي قُتِل أبي صبيحتَها، وعمتي زينب عندي تمرّضني؛ إذ اعتزلِ أبي بأصحابه في خِباء له، وعنده حُوَيّ مولَى أبي ذَرّ الغِفاريّ، وهو يعالج سيفه ويصلِحُه وأبي يقول:

يا دهرُ أُفٍّ لك من خليلِ ... كم لك بالإِشراقِ والأَصيل

مِن صاحبٍ أو طالبٍ قَتيل ... والدَّهر لا يقنعُ بالبَدِيل


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>