للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منطق منه؛ ثم قال: أمّا بعد، فانسبوني فانظروا مَن أنا، ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها، فانظروا؛ هل يحلّ لكم قتلي وانتهاكُ حرمتي؟ ألستُ ابن بنت نبيِّكم - صلى الله عليه وسلم - وابنَ وصيِّه وابن عمّه، وأوَّل المؤمنين بالله والمصدّق لرسوله بما جاء به من عند ربّه! أوَليس حمزة سيد الشهداء عمّ أبي! أوَليس جعفر الشهيد الطيّار ذو الجناحين عمِّي! أوَ لم يبلغْكم قول مستفيض فيكم: إنَّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال لي ولأخي: "هذان سيّدا شباب أهل الجنة"! فإن صدَّقتموني بما أقول -وهو الحقّ- فوالله ما تعمَّدت كذبًا مذ علمتُ أنّ الله يمقت عليه أهله، ويضرّ به من اختلقه، وإن كذَّبتموني فإنّ فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخَبَركم؛ سَلُوا جابرَ بنَ عبد الله الأنصاريّ، أو أبا سعيد الخُدْريّ، أو سهل بن سعد الساعديّ، أو زيد بن أرقم، أو أنس بن مالك؛ يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لي ولأخي، أفَما في هذا حاجز لكم عن سَفْك دمي؟ ! فقال له شَمِر بن ذي الجوشن: هو يَعبد الله على حَرْفٍ إن كان يدري ما يقول! فقال له حبيب بن مُظاهر: والله إني لأراك تَعبُد الله على سبعين حرفًا، وأنا أشهد أنك صادق ما تدري ما يقول؛ قد طبع اللهُ على قلبك؛ ثم قال لهم الحسين: فإنْ كنتم في شكّ من هذا القول أفتشكّون أثَرًا ما أنّى ابنُ بنت نبيّكم! فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيّ غيري منكم ولا من غيركم، أنا ابن بنتِ نبيّكم خاصّة. أخبروني، أتطلبوني بقتيل منكم قتلتُه، أو مالٍ لكم استهلكته، أو بقِصاص من جراحة؟ قال: فأخذوا لا يكلمونه، قال: فنادى: يا شَبَث بن رِبْعيّ، ويا حجّار بن أبجر! ويا قيس بن الأشعث! ويا يزيد بن الحارث! ألم - تكتبوا إليّ أن قد أيْنعَت الثمار، واخضرّ الجنَاب، وطمَّت الجمام، وإنما تقدُم على جند لك مُجنَّد، فأقبِلْ؟ ! قالوا له: لم نفعل، فقال: سبحان الله! بلى والله، لقد فعلتم! ثم قال: أيها الناس! إذْ كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمَني من الأرض، قال: فقال له قيس بن الأشعث: أوَ لا تنزل على حكم بني عمّك، فإنهم لن يُرُوك إلا ما تحبّ، ولن يصل إليك منهم مكروه؟ فقال الحسين: أنت أخو أخيك، أتريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثرَ من دم مسلم بن عَقِيل، لا والله لا أعطيهم بيدي إعْطَاء الذليل، ولا أقرُّ إقرارَ العبيد، عباد الله! {وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ}، {إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ}؛ قال: ثمّ إنه أناخ راحلته، وأمر عقبة بن سمِعْان فعقَلها،

<<  <  ج: ص:  >  >>