للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقبلوا يزحفون نحو (١). (٥/ ٤٢٣ - ٤٢٦).

قال أبو مخنف: فحدّثني عليّ بن حنظلة بن أسعد الشاميّ عن رجل من قومه شهد مقتلَ الحسين حين قُتِل يقال له: كثير بن عبد الله الشعبيّ؛ قال: لما زحفنا قِبَل الحسين خرج إلينا زُهير بن قَيْن على فرس له ذنوب شاكٍ في السلاح، فقال: يا أهلَ الكوفة! نَذارِ لكم من عذاب الله نَذار! إنّ حقًّا على المسلم نصيحةَ أخيه المسلم، ونحن حتى الآن إخوة، وعلى دين واحد، ومِلّة واحدة، ما لم يقع بيننا وبينكم السيف، وأنتم لنصيحة منا أهلٌ، فإذا وقع السيف انقطعت العِصمة، وكنا أمّة وأنتم أمة، إنَّ الله قد ابتلانا وإياكم من بذرّيّة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - لينظر ما نحن وأنتم عاملون، إنا ندعوكم إلى نصرهم وخِذلان الطاغية عُبيد الله بن زياد، فإنكم لا تدركون منهما إلا يسوء عُمْر سلطانهما كلِّه، ليَسملانِّ أعينكم، ويقطّعانِّ أيديكم وأرجلَكم، ويمثّلانِّ بكم، ويرفعانكم طى جُذُوع النخل، ويقتِّلانِّ أماثلَكم وقُرّاءَكم، أمثال حُجر بن عَديّ وأصحابه، وهانئ بن عروة وأشباهه، قال: فسبُّوه، وأثنَوا على عُبيد الله بن زياد، ودَعوا له، وقالوا: والله لا نبرح حتى نقتل صاحبك ومَنْ معه، أو نبعثَ به وبأصحابه إلى الأمير عُبيد الله سِلْمًا؛ فقال لهم: عباد الله! إنَّ ولد فاطمة رضوان الله عليها أحقّ بالودّ والنصر من ابن سُمَيّة، فإنْ لم تنصروهم فأعيذكم بالله أن تقتلوهم؛ فخلّوا بين الرجل وبين ابن عمه يزيدَ بن معاوية، فلَعَمري إنَّ يزيد ليرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين؛ قال: فرَماه شَمِر بن ذي الجوْشن بسهم وقال: اسكتْ أسكتَ الله نأمَتك، أبرمْتَنا بكثرة كلامك! فقال له زهير: يا بنَ البَوّال على عَقبِيْه، ما إيّاك أخاطب، إنما أنت بهيمة، والله ما أظنك تُحكِم من كتاب الله آيتَين، فأبشِرْ بالخزي يومَ القيامة والعذاب الأليم؛ فقال له شمِر: إنّ الله قاتلك وصاحبك عن ساعة؛ قال: أفبالموت تُخوّفِني؟ ! فوالله للموت معه أحبّ إليّ من الخُلد معكم! قال: ثمّ أقبل على الناس رافعًا صوته، فقال: عبادَ الله! لا يغرّنكم من دينكم هذا الجِلْف الجافي وأشباهه، فوالله لا تنال شفاعةُ محمد - صلى الله عليه وسلم - قومًا هَراقوا دماء ذُرّيته وأهل بيته، وقتلوا من نصرهم وذبَّ عن حريمهم، قال: فناداه رجل فقال له: إنّ أبا عبد الله يقول لك: أقبل، فلَعمري لئن كان


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>