للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مؤمنُ آل فرعون نصح لقومه وأبلَغ في الدعاء، لقد نصحتَ لهؤلاء وأبلغتَ لو نفع النصح والإبلاغ! (١) (٥: ٤٢٦ - ٤٢٧).

قال أبو مخنف: عن أبي جَناب الكَلْبي، عن عديِّ بن حرمَلة، قال: ثمّ إنْ الحُرّ بن يزيد لما زحف عمر بن سعد قال له: أصلحك الله! مُقاتِلٌ أنت هذا الرجل؟ قال: إي والله قتالًا أيسرُه أن تسقط الرؤوسُ وتطيح الأيدي، قال: أفما لكم في واحدة من الخصال التي عرض عليكم رضًا؟ قال عمر بن سعد: أما والله لو كان الأمر إليَّ لفعلت، ولكنّ أميركَ قد أبى ذلك؛ قال: فأقبل حتى وقف من الناس موقفًا، ومعه رجل من قومه يقال له: قرّة بن قيس، فقال: يا قرّة! هل سقيتَ فرسَكَ اليوم؟ قال: لا؛ قال: إنما تريد أن تسقيَه؟ قال: فظننت والله أنه يريد أن يتنحَّى فلا يشهد القتالَ، وكره أن أراه حين يصنع ذلك، فيخاف أن أرفعه عليه؛ فقلت له: لم أسقه، وأنا منطلِق فساقيه؛ قال: فاعتزلت ذلك المكانَ الذي كان فيه؛ قال: فوالله لو أنه أطلعني على الذي يريد لخرجت معه إلى الحسين؛ قال: فأخذ يدنو من حُسَين قليلًا قليلًا، فقال له رجل من قومه يقال له: المهاجر ابن أوس: ما تريد يا بن يزيدَ؟ ! أتريد أن تحمل؟ فسكت وأخذه مثل العُرَوَاء، فقال له يا بن يزيد، والله إنّ أمرك لمريب، والله ما رأيتُ منك في موقف قطّ مثلَ شيء أراه الآن، ولو قيل لي: مَن أشجع أهلِ الكوفة رجلًا ما عدوْتُك، فما هذا الذي أرى منك؟ ! قال: إني والله أخيِّر نفسي بين الجنة والنار، ووالله لا أختار على الجنة شيئًا ولو قُطِّعتُ وحُرّقت؛ ثم ضرب فرسَه فلحِق بحسين عليه السلام، فقال له: جعلني الله فِداك يا بن رسول الله! أنا صاحبك الذي حبستُك عن الرجوع، وسايرتُك في الطريق. وجَعجعت بك في هذا المكان، واللهِ الذي لا إله إلا هو ما ظننت أنّ القوم يردّون عليك ما عرضتَ عليهم أبدًا، ولا يبلغون منك هذه المنزلة، فقلت في نفسي: لا أبالي أن أطيع القوم في بعض أمرهم، ولا يرون أني خرجتُ من طاعتهم، وأمّا هم فسيقبلون من حسين هذه الخصال التي يعرض عليهم، ووالله لو ظننت أنهم لا يقبلونها منك ما ركبتُها منك؛ وإنّي قد جئتك تائبًا مما كان مني إلى ربي، ومواسيًا لك بنفسي حتى أموت بين يديك، أفترى ذلك لي توبة؟ ! قال: نعم، يتوب الله عليك، ويغفر لك، ما اسمك؟


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>