للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: أنا الحُرّ بن يزيد؛ قال: أنت الحُرّ كما سمّتك أمك، أنت الحرّ إن شاء الله في الدنيا والآخرة؛ انزلْ؛ قال: أنا لك فارسًا خيرٌ منِّي راجلًا، أقاتلهم على فرسي ساعة، وإلى النزول ما يصير آخر أمري، قال الحسين: فاصنع يَرحمك الله ما بدا لك! فاستقدم أمامَ أصحابه ثم قال: أيّها القوم، ألا تقبلون من حسين خَصلةً من هذه الخصال التي عرض عليكم فيعافيَكم الله من حربه وقتاله؟ قالوا: هذا الأمير عمر بن سعد فكلّمْه، فكلّمَه بمثل ما كلمه به قبل، وبمثل ما كلّم به أصحابه، قال عمر: قد حرصتُ، ولو وجدتُ إلى ذلك سبيلًا فعلت، فقال: يا أهل الكوفة، لأمِّكم الهَبَل والعُبْر إذْ دعوتموه حتى إذا أتاكم أسلمتُموه، وزعمتم أنكم قاتلو أنفسكم دونه، ثم دعوتم عليه لتقتلوه، أمسكتم بنفسه، وأخذتم بكَظْمه، وأحطتم به من كل جانب، فمنعتموه التوجّهَ في بلاد الله العريضة حتى يأمن ويأمن أهلُ بيته، وأصبح في أيديكم كالأسير لا يَملك لنفسه نفعًا، ولا يَدفع ضرًّا، وحلأتموه ونساءه وأصَيْبِيتَه وأصحابه عن ماء الفرات الجاري الذي يشربه اليهوديّ والمجوسيّ، والنصرانيّ، وتمرَّغُ فيه خنازير السواد وكلابه، وهاهم أولاء قد صرعهم العطش، بئسما خَلَفْتم محمَّدًا في ذريته! لا سقاكم الله يومَ الظمأ إن لم تتوبوا وتَنزِعوا عما أنتم عليه من يومكم هذا في ساعتكم هذه! فحملتْ عليه رَجَّالة لهم ترميه بالنَّبل؛ فأقبل حتى وقف أمام الحسين (١). (٤٢٧: ٥ - ٤٢٩).

قال أبو مخنف: عن الصّقعب بن زهير وسليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم، قال: وزحف عمر بن سعد نحوَهم، ثمّ نادى: يا ذوَيْد! أدْنِ رايتَك؛ قال: فأدناها ثم وضع سَهمه في كَبد قوسه، ثمّ رمى فقال: اشهَدوا أني أوّل مَنْ رمى (٢). (٤٢٩: ٥).

قال أبو مخنف: حدَّثني أبو جناب، قال: كان منا رجل يدعَى عبدَ الله بن عُمير من بني عُليم، كان قد نزل الكوفة، واتّخذ عند بئر الجَعْد من هَمْدان دارًا، وكانت معه امرأةٌ له من النَّمِر بن قاسط يقال لها: أمّ وهب بنت عبد، فرأى القوم بالنُّخيلة يُعرَضون ليُسرَّحوا إلى الحسين، قال: فسأل عنهم، فقيل له: يسرّحون


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>