للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وما يمنعك أن تقدم عليه أنت! فقال له شمِر: ألِي تقول ذا! قال: وأنت لي تقول ذا! فاستبَّا، فقال له أبو الجَنُوب -وكان شجاعًا: والله لهممتُ أن أخضخض السنان في عينك؛ قال: فانصرف عنه شمر، وقال: والله لئن قدرتُ على أن أضرّك لأضرّنّك قال: ثمّ إنّ شمر بن ذي الجوشن أقبل في الرجّالة نحو الحسين؛ فأخذ الحسين يشدّ عليهم فينكشفون عنه، ثم إنهم أحاطوا به إحاطةً، وأقبل إلى الحسين غلام من أهله، فأخذتْه أخته زينب ابنة عليّ لتحبسه، فقال لها الحسين: احبسيه، فأبى الغلام، وجاء يشتدّ إلى الحسين، فقام إلى جنبه؛ قال: وقد أهوى بحر بن كعب بن عبيد الله -من بني تيْم الله بن ثعلبة بن عكابة- إلى الحسين بالسيف، فقال الغلام: يابن الخبيثة، أتقتل عمِّي! فضربه بالسيف، فاتقاه الغلام بيده فأطنّها إلا الجلدة، فإذا يده معلَّقة، فنادى الغلام: يا ألمَّتاه! فأخذه الحسين فضمَّه إلى صدره، وقال: يا بن أخي! اصبِر على ما نزل بك، واحتسِب في ذلك الخير، فإنّ الله يُلحقك بآبائك الصالحين؛ برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعليّ بن أبي طالب، وحمزة، وجعفر، والحسن بن عليّ، صلى الله عليهم أجمعين (١). (٥: ٤٥٠ - ٤٥١).

قال أبو مخنف: حدّثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم، قال: سمعت الحسينَ يومئذ وهو يقول: اللهمّ أمسك عنهم قَطْرَ السماء، وامنعهم بركاتِ الأرض، اللهمّ فإنْ متّعتَهم إلى حينٍ ففرّقهم فِرَقا، واجعلهم طرائقَ قِدَدًا، ولا ترْض عنهم الوُلاة أبدًا، فإنهم دعَوْنا لينصرونا فعَدَوْا علينا فقتلونا، قال: وضارب الرَّجَّالة حتى انكشفوا عنه، قال: ولما بقي الحسين في ثلاثة رهط أو أربعة، دعا بسراويلَ محقَّقة يلمع فيها البَصَر، يَمانيّ محقَّق، ففزره ونكثه لكيلا يسلبَه، فقال له بعض أصحابه: لو لبست تحته تُبَّانًا! قال: ذلك ثوب مذلّة، ولا ينبغي لي أن ألبسه: قال: فلما قتل أقبل بحر بن كعب فسلبه إياه فتركه مجرَّدًا (٢). (٥: ٤٥١).

قال أبو مخنف: فحدّثني عمرو بن شعيب، عن محمد بن عبد الرحمن أنّ


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>