للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدَيْ بحر بن كعب كانتا في الشتاء تَنضَحان الماء، وفي الصيف تَيْبسان كأنهما عود (١). (٥: ٤٥١).

قال أبو مخنف عن الحجَّاج، عن عبد الله بن عمَّار بن عبد يغوث البارقيّ: وعُتِب على عبد الله بن عمّار بعد ذلك مشهده قتل الحسين، فقال عبد الله بن عمار: إنّ لي عند بني هاشم لَيَدًا، قلنا له: وما يَدُك عندهم؟ قال: حملتُ على حسين بالرُّمح فانتهيت إليه، فوالله لو شئت لطعنتُه، ثم انصرفتُ عنه غيرَ بعيد، وقلت: ما أصنع بأن أتولّى قتلَه! يقتله غيري، قال: فشدّ عليه رَجّالة ممّن عن يمينه وشماله، فحمل على مَن عن يمينه حتى ابذعرُّوا، وعلى من عن شماله حتى ابذعرُّوا، وعليه قميص له من خَزّ وهو معتمٌّ؛ قال: فوالله ما رأيت مكسورًا قطّ قد قتِل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشًا، ولا أمضى جَنانًا ولا أجرأ مقدمًا منه، والله ما رأيتُ قبلَه ولا بعَده مِثلَه؛ أن كانت الرّجالة لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشافَ المِعزَى إذا شدّ فيها الذئب؛ قال: فوالله إنه لكذلك؛ إذ خرجتْ زينبُ ابنة فاطمة أخته، وكأني أنظر إلى قُرْطها يجول بين أذنيها وعاتمَها وهي تقول: ليت السماء تطابقتْ على الأرض! وقد دنا عمر بن سعد من حسين؛ فقالت: يا عمر بن سعد، أيُقتَل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه! قال: فكأني أنظر إلى دموع عمرَ وهي تسيل على خدّيه ولحيته؛ قال: وصرف بوجهه عنها (٢) (٥ - ٤٥٢: ٤٥١)

قال أبو مخنف: حدّثني الصَّقْعب بن زهير، عن حُميد بن مسلِم، قال: كانت عليه جُيَّة من خزّ وكان معتمًّا، وكان مخضوبًا بالوَسِمة، قال: وسمعتُه يقول قبل أن يُقتَل، وهو يقاتل على رجليه قتالَ الفارس الشجاع بتَّقي الرمية، ويفترصُ العورة، ويشدّ على الخيل، وهو يقول: أعَلى قتلي تَحاثُّون! أما والله لا تَقتُلون بعدي عَبْدًا من عباد الله اللهُ أسخطَ عليكم لقَتْلهِ منّي؛ وايم الله إني لأرجُو أن يكرِمني الله بهوانكم، ثمّ ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون! أمّا والله أن لو قد قتلتموني لقد ألقَى الله بأسَكُم بينكم، وسفك دماءَكم، ثم لا يرضَى لكم حتى يضاعفَ لكم العذاب الأليم! قال: ولقد مكث طويلًا من النهار ولو شاء الناس أن


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>