للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَرْب؛ وهو واقف في قتال ففَلَق قلبَه، فمات؛ قال: فقُتِل من أصحاب الحسين عليه السلام اثنان وسبعون رجلًا، ودفَن الحسينَ وأصحابه أهلُ الغاضريَّة من بني أسد بعدما قُتلوا بيوم، وقتل من أصحاب عمر بن سعد ثمانية وثمانون رجلًا سوى الجَرحى، فصلّى عليهم عمر بن سعد ودَفنهم؛ قال: وما هو إلا أن قتِل الحسين، فسرِّح برأسه من يومه ذلك مع خوليّ بن يزيد وحميد بن مسلم الأزديّ إلى عُبيد الله بن زياد، فأقبل به خَوليّ فأراد القصر، فوجد بابَ القصر مُغلقًا، فأتى منزله فوضعه تحت إجّانة في منزله، وله امرأتان: امرأة من بني أسد، والأخرى من الحضرميّين يقال لها: النَّوار ابنة مالك بن عقرب، وكانت تلك الليلة ليلة الحضرميَّة (١). (٥: ٤٥٣ - ٤٥٥).

قال هشام: فحدّثني أبي عن النّوار بنت مالك، قالت: أقبل خَوليّ برأس الحسين فوضَعَه تحت إجَّانة في الدار، ثم دخل البيت، فأوى إلى فراشه، فقلت له: ما الخبر؟ ما عندك؟ قال: جئتكِ بغنَى الدهر، هذا رأس الحسين معك في الدار؛ قالت: فقلت: ويلك- جاء الناس بالذهب والفضة وجئتَ برأس ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! لا والله لا يجمع رأسي ورأسك بيتٌ أبدًا؛ قالت: فقمت من فراشي، فخرجتُ إلى الدار، فدعا الأسدّية فأدخلها إليه، وجلستُ أنظر، قالت: فوالله ما زلت أنظر إلى نور يَسْطع مِثلَ العمود من السماء إلى الإجّانة، ورأيت طيرًا بيضًا تُرفرِف حولها.

قال: فلما أصبح غدا بالرأس إلى عبيد الله بن زياد، وأقام عمر بن سعد يوَمه ذلك والغد، ثمّ أمر حميد بن بكير الأحمريّ فأذّن في الناس بالرحيل إلى الكوفة، وحمل معه بنات الحسين وأخواته ومنْ كان معه من الصبيان، وعليّ بن الحسين مريضٌ. (٥: ٤٥٥).

قال أبو مخنف: فحدّثني أبو زهير العبسيّ، عن قرّة بن قيس التميميّ، قال: نظرت إلى تلك النسوة لما مررن بحسين وأهله وولده صِحْن، ولطمْنَ وجوههنّ، قال: فاعترضتُهنَّ على فَرَس، فما رأيت مَنظرًا من نسوة قطّ كان أحسنَ من منظر رأيتَه منهن ذلك [اليوم]، والله لهن أحسَنُ من مهَايبَرِين.


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>