للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفتضح الفاسق، ويكذَّب الفاجر؛ قال: فكيف رأيتِ صنعَ الله بأهل بيتك! قالت: كُتب عليهم القتل، فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينَك وبينَهم، فتحاجّون إليه، وتَخاصمون عنده؛ قال: فغضب ابن زياد واستشاط؛ قال: فقال له عمرو بن حريث: أصلح الله الأمير! إنما هي امرأة، وهل تؤاخذ المرأة بشيء من منطقها! إنها لا تؤاخذ بقول، ولا تُلام على خَطل، فقال لها ابن زياد: قد أشفى الله نفسي من طاغيتك، والعُصاة المَردة من أهل بيتك؛ قال: فبكتْ ثم قالت: لَعَمري لقد قتلتَ كَهْلي، وأبرْت أهلي، وقطّعت فَرْعِي، واجتثثتَ أصلي، فإن يَشْفِك هذا فقد اشتفيت، فقال لها عبيد الله: هذه شجاعة، قد لعَمرِي كان أبوك شاعرًا شجاعًا؛ قالت: ما للمرأة والشجاعة! إنّ لي عن الشجاعة لشُغْلا، ولكنّ نفثي ما أقول (١). (٥: ٤٥٦ - ٤٥٧).

قال أبو مخنف عن المجالد بن سعيد: إنّ عُبيد الله بن زياد لما نظر إلى عليّ بن الحسين قال لشرطيّ: انظر هل أدرك ما يدرِك الرّجال؟ فكَشَط إزاره عنه، فقال: نعم، قال انطلقوا به فاضربوا عنقه، فقال له عليّ: إن كان بينك وبين هؤلاء النسوة قرابة فابعث معهنّ رجلًا يحافظ عليهنّ؛ فقال له ابن زيادْ تعالَ أنتَ، فبعثَه معهنّ (٢). (٤٥٧: ٥).

قال أبو مخنف: وأما سليمان بن أبي راشد، فحدّثني عن حُميد بن مسلم قال: إنّي لقائم عند ابن زياد حين عُرض عليه عليّ بن الحسين، فقال له: ما اسمك؟ قال: أنا عليّ بن الحسين، قال: أو لم يَقتُل الله عليّ بن الحسين! فسكت، فقال له ابن زياد: ما لَك لا تتكلم! قال: قد كان لي أخ يقال له أيضًا عليّ، فقتله الناس، قال: إن الله قد قتله، قال: فسكت عليّ، فقال له: مالك لا تتكلم! قال: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}، قال: أنت والله منهم، وَيْحك! انظروا هل أدرك؟ والله إنّي لأحسبه رجلًا؛ قال: فكشف عنه مُريّ بن معاذ الأحمريّ، فقال: نعم قد أدرَك؛ فقال: اقتله؛ فقال عليّ بن الحسين: من توَكِّل بهؤلاء النسوة؟ وتعلقتْ به زينب عمته


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>