فقالت: يا بن زياد! حسبُك منّا، أما رَوِيتَ من دمائنا؟ ! وهل أبقيت منا أحدًا؟ ! قال: فاعتنقتْه، فقالت: أسألك بالله إن كنت مؤمنًا إنْ قتلتَه لما قتلتَني معه! قال: وناداه على فقال: يا بن زياد! إن كانت بينك وبينهن قرابة فابعث معهنّ رجلًا تقيًّا يصحبهن بصحبة الإسلام؛ قال: فنظر إليها ساعة، ثم نظر إلى القوم فقال: عجبًا للرّحِم! والله إني لأظنها ودَّت لو أنّي قتلتُه أنى قتلتُها معه؛ دعوا الغلام، انطلق مع نسائك (١). (٤٥٧: ٥ - ٤٥٨).
قال حميد بن مسلم: لما دخل عبيد الله القصرَ ودخل الناسُ، نوديَ: الصلاة جامعة! فاجتمع الناس في المسجد الأعظم، فصَعد المنبَر ابن زياد فقال: الحمد لله الذي أظهر الحقّ وأهلَه، ونصر أمير المؤمنين يزيد بن معاوية وحزبَه، وقَتَل الكذَّاب ابن الكذَّاب، الحسينَ بن عليّ وشيعته! فلم يفرغ ابن زياد من مقالته حتى وثب إليه عبد الله بن عَفيف الأزديّ ثم الغامديّ، ثم أحد بني والبة -وكان من شيعة عليّ كرم الله وجهه، وكانت عينُه اليسرى ذهبتْ يومَ الجمل مع عليّ، فلما كان يومَ صِفّين ضُرِب على رأسه ضربةً، وأخرى على حاجبه، فذهبتْ عينُه الأخرى، فكان لا يكاد يفارق المسجدَ الأعظم يصلي فيه إلى الليل ثم ينصرف -قال: فلما سمع مقالةَ ابن زياد، قال: يا بن مَرْجانة! إنّ الكذّاب ابنَ الكذّاب أنت وأبوك والذي ولآك وأبوه! يا بن مرجانة! أتقتلون أبناء النبيّين، وتكلّمون بكلام الصدّيقين؟ ! فقال ابن زياد: عليَّ به؛ قال: فوثبتْ عليه الجَلاوزة فأخذوه؛ قال: فنادى بشعار الأزد: يا مبرور- قال: وعبد الرحمن بن مخنف الأزديّ جالس- فقال: ويح غيرك! أهلكت نفسك، وأهلكتَ قومك، قال: وحاضر الكوفة يومئذ من الأزْد سبعمئة مقاتل؛ قال: فوثب إليه فتيةٌ من الأزد فانتزعوه فأتَوْا به أهلَه فأرسل إليه من أتاه به، فقَتَله وأمَرَ بصَلْبه في السَّبَخة، فصُلب هنالك. (٤٥٨: ٥ - ٤٣٩).
قال أبو مخنف: ثمّ إنّ عبيد الله بن زياد نصب رأس الحسين بالكوفة، فجعل يُدار به في الكوفة، ثم دعا زَحْر بن قيس فسرّح معه برأس الحسين ورؤوس أصحابه إلى يزيدَ بن معاوية، وكان مع زحْر أبو بُردة بن عوف الأزديّ وطارق بن