للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمي؛ وأما قوله: "جدّي خيرٌ من جدّه"، فلعمري ما أحدٌ يؤمن بالله واليوم الآخر يرى لرسول الله فينا عِدْلًا ولا نِدًّا، ولكنه إنما أتِيَ من قبَل فقهه، ولم يقرأ: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، ثم أدخِل نساء الحسين على يزيد، فصاح نساء آل يزيد، وبنات معاوية، وأهله، ووَلْوَلنَ، ثم إنهن أدخِلن على يزيد، فقالت فاطمة بنت الحسين- وكانت أكبرَ من سُكينة: أبنات رسول الله سبايا يا يزيد! فقال يزيد: يا ابنة أخي! أنا لهذا كنت أكره؛ قالت: والله ما ترِك لنا خُرْص، قال: يا ابنة أخي! ما آتٍ إليكِ أعظَم مما أخِذَ منكِ، ثم أخرجن فأُدخلن دارَ يزيد بن معاوية، فلم تبق امرأةٌ من آل يزيدَ إلا أتتهنّ، وأقمن المأتَم، وأرسل يزيد إلى كلّ امرأة: ماذا أخِذ لك؟ وليس منْهنّ امرأة تدَّعى شيئًا بالغًا ما بلغ إلا قد أضعفه لها، فكانت سكينة تقول: ما رأيتُ رجلًا كافرًا بالله خيرًا من يزيد بن معاوية، ثم أدخل الأسارى إليه وفيهم عليٌّ بن الحسين، فقال له يزيد: إيهٍ يا عليّ! فقال عليّ: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٢٢) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}، فقال يزيد: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} ثم جهزه وأعطاه مالًا، وسرّحه إلى المدينة. (٥: ٤٦٣ - ٤٦٤).

قال هشام: عن أبي مخنف، قال: حدّثني أبو حمزة الثُّماليُّ، عن عبد الله الثُّماليّ، عن القاسم بن بُخَيْت، قال: لما أقبل وفدُ أهلِ الكوفة برأس الحسين دخلوا مسجد دمشق، فقال لهم مروان بن الحكم، كيف صنعتم؟ قالوا: ورد علينا منهم ثمانية عشر رجلًا، فأتينا والله على آخرهم، وهذه الرؤوس والسَّبايا، فوثب مروان فانصرف، وأتاهم أخوه يحيى بن الحكم، فقال: ما صنعتم؟ فأعادوا عليه الكلام، فقال: حُجبتم عن محمد يومَ القيامة؛ لن أجامعَكم على أمر أبدَّا ثَم قام فانصرف، ودخلوا على يزيدَ فوضعوا الرأسَ بين يديه، وحدّثوه الحديث. قال: فسمعتْ دَوْرَ الحديثِ هند بنت عبد الله بن عامر بن كُرَيز -وكانت تحت يزيد بن معاوية- فتقنّعتَ بثوبها، وخرجت فقالت: يا أمير المؤمنين! أرأس الحسين بن فاطمةَ بنت رسول الله! قال: نعم فأعْوِلي عليه، وحُدّي على

<<  <  ج: ص:  >  >>