ابن بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وصريحة قريش، عجلَ عليه ابن زياد فقتله قَتَله الله! ثم أذن للناس فدخلوا والرأس بين يديه، ومع يزيد قضيبٌ فهو ينكُت به في ثغره، ثم قال: إن هذا وإيّانا كما قال الحُصَين بنُ الحُمَام المُرّيّ:
يفلِّقن هامًا من رجالٍ أحبةٍ ... إلينا وهم كانوا أعقَّ وأَظلما
قال: فقال رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقال له أبو برزة الأسلميّ: أتنكت بقضيبك في ثغر الحسين! أما لقد أخَذ قضيبُك من ثغره مأخذًا، لربما رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَرشِفه، أما إنك يا يزيد تجئ يومَ القيامة، وابن زياد شفيعك، ويجئ هذا يومَ القيامة ومحمد - صلى الله عليه وسلم - شفيعه؛ ثم قام فولَّى (١). (٥: ٤٦٥).
قال هشام: حدّثني عَوَانة بن الحكم، قال: لما قَتل عبيدُ الله بن زياد الحسينَ بن عليّ وجيء برأسه إليه، دعا عبد الملك بن أبي الحارث السُّلَمِيّ، فقال: انطلقْ حتى تقدم المدينة على عمرو بن سعيد بن العاص فبشِّره بقَتْل الحسين -وكان عمرو بن سعيد بن العاص أميرَ المدينة يومئذ- قال: فذهب ليعتلّ له، فزجره -وكان عبيد الله لا يُصطلَى بنارِه- فقال: انطلق حتى تأتيَ المدينة، ولا يسبقك الخبر؛ وأعطاه دنانير، وقال: لا تعتلّ، وإن قامت بك راحلتُك، فاشتر راحلة؛ قال عبد الملك: فقدمت المدينة، فلقيَني رجل من قريش، فقال: ما الخبر؟ فقلت: الخبر عند الأمير، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون! قُتِل الحسين بن عليّ؟ فدخلتُ على عمرو بن سعيد فقال: ما وراءك؟ فقلت: ما سَرَّ الأمير، قُتِل الحسين بن عليّ؛ فقال: نادِ بقَتْله، فنادَيْت بقتله، فلم أسمع والله واعيةً قطّ مثل واعية نساء بني هاشم في دُورهنّ على الحسين، فقال عمرو بن سعيد وضحك:
عجَّت نساءُ بني زياد عجّةً ... كَعجيجِ نِسْوتنا غَداةَ الأَرْنب
والأرنب: وقعةٌ كانت لبني زُبيد على بني زياد من بني الحارث بن كعب، من رهط عبد المدان، وهذا البيتُ لعَمرو بن معد يكرَب، ثم قال عمرو: هذه واعية بواعية عثمانَ بن عفَّان، ثم صعد المنبَر فأعْلَمَ الناسَ قتلَه. (٥: ٤٦٥ - ٤٦٦).
قال هشام: عن أبي مخنف، عن سليمان بن أبي راشد، عن عبد الرحمن بن