للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال هشام: حدّثني عوانة، قال: دعا الناسَ مُسلم بن عُقْبة بقُبَاء إلى البيعة، وطلب الأمان لرجلين من قريش: ليزيدَ بن عبد الله بن زَمْعة بن الأسود بن المطّلب بن أسد بن عبد العزّى ومحمد بن أبي الجَهْم بن حذيفة العدويّ ولمعقل بن سنان الأشجعيّ، فأتِي بهما بعد الوقعة بيوم فقال: بايعا، فقال القرشيّان: نبايعك على كتاب الله وسنَّة نبيِّه؛ فقال: لا والله لا أقيلكم هذا أبدًا، فقدّمهما فضرب أعناقهما! فقال له مروان: سبحان الله! أتقْتل رجليْنِ من قريش أتَيَا ليؤمنا فضَربتَ أعناقهما! فنَخسَ بالقضيب في خاصرتِه ثم قال: وأنتَ والله لو قلتَ بمقالتهما ما رأيتَ السماءَ إلا بَرْقَةً. (٥: ٤٩١ - ٤٩٢).

قال هشام: قال أبو مخنف: وجاء مَعقل بن سنان، فجلس مع القوم، فدعا بشراب ليُسقَى، فقال له مسلم: أيّ الشراب أحبّ إليك؟ قال: العسل، قال: اسقوه، فشَرِب حتى ارتَوى، فقال له: أقضيت رِيَّك من شرابِك؟ قال: نعم، قال: لا والله لا تشرب بعده شرابًا أبدًا إلا الحميمَ في نار جهنم، أتذكر مقالتكَ لأمير المؤمنين: سرتُ شهرًا، ورجعتُ شهرًا، وأصبحتُ صِفرًا، اللهمّ غَيِّر. تعني: يزيدَ! فقدمه فضرب عنقه (١). (٥: ٤٩٢).

قال هشام: وأمّا عوانة بن الحَكم فذكر: أن مسلم بن عقبة بعث عمرو بن مُحْرِز الأشجعى فأتاه بمَعقِل بن سنان فقال له مسلم: مرحبًا بأبي محمد! أراك عطشان! قال: أجَل، قال: شُوبوا له عسلًا بالثلج الذي حملتموه معنا -وكان له صديقًا قبل ذلك- فشابوه له، فلما شرب معقل قال له: سقاك الله من شراب الجنة؛ فقال له مسلم: أمَا والله لا تشربُ بعدها شرابًا أبدًا حتى تشربَ من شراب الحَميم؛ قال: أنشُدُك الله والرَّحِمَ! فقال له مسلم: أنت الذي لقيتني بطبريّة ليلةَ خرجت من عند يزيد، فقلت: سرْنا شهرًا ورجعْنا من عند يزيد صفرًا، نرجع إلى المدينة فنخلع هذا الفاسق، ونبايع لرجل من أبناء المهاجرين! فيمَ غطفان وأشجع من الخلع والخلافة! إنّي آليت بيمين لا ألقاك في حرب أقدر فيه على ضرب عنقك إلا فعلت، ثمّ أمر به فقُتِل.

قال هشام: قال عوانة: وأتِيَ بزيد بن وهب بن زَمْعة؛ فقال: بايعْ، قال:


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>