للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نزل بالبَصرة، كانوا حيث مُصِّرت البصرة، فحوّل عمر بن الخطّاب رحمه الله من تَنُوخَ من المسلمين إلى البَصرة، وأقامت جماعة الأزد لم يتحولوا، ثمَّ لحقوا بالبَصرة بعد ذلك في آخر خلافة معاوية، وأوّل خلافة يزيدَ بن معاوية، فلمَّا قدموا قالت ينو تميم للأحنف: بادرْ إلى هؤلاء قبل أن تسبقنَا إليهم ربيعة، وقال الأحنف: إنْ أتَوكم فاقبلوهم، وإلّا؛ لا تأتوهم فإنكم إن أتيتموهم صرتم لهم أتباعًا. فأتاهم مالكُ بنُ مِسمَع ورئيس الأزْد يومئذ مسعود بن عمرو المعني، فقال مالك: جدّدوا حِلفنَا وحلف كندة في الجاهليّة، وحلْف بني ذُهْل بن ثعلبة في طيّئ بن أدَد من ثُعَل، فقال الأحنف: أما إذ أتوهم، فلن يزالوا لهم أتباعًا أذنابًا. (٥: ٥١٦ - ٥١٧).

قال أبو عبيدة: فحدثني هبيرة بن حُدَير عن إسحاق بن سويد، قال: فلما أن جرت بكر إلى نصر الأزد على مضرَ، وجدّدوا الحِلف الأوَّل، وأرادوا أن يسيروا، قالت الأزد: لا نسير معكم إلا أن يكون الرئيس منّا، فرأسوا مسعودًا عليهم. (٥: ٥١٧).

قال أبو عبيدة: فحدثني مسلمة بن محارب، قال: قال مسعود لعبيد الله: سرْ معنى حتى نعيدَك في الدار؛ فقال: ما أقدر على ذلك، امضِ أنتَ، وأمر برواحله فشدّوا عليها أدواتها وسوادها، وتزمّل في أهبة السفر، وألقوا له كرسيًّا على باب مسعود، فقعد عليه؛ وسار مسعود، وبعث عبيد الله غلمانًا له على الخيل مع مسعود، وقال لهم: إني لا أدري ما يحْدُث فأقول: إذا كان كذا؛ فليأتني بعضُكم بالخبر، ولكن لا يحدثَنّ خير ولا شرّ إلَّا أتاني بعضكم به، فجعل مسعود لا يأتي على سكّة، ولا يتجاوز قبيلةً إلا أتى بعض أولئك الغلمان بخبر ذلك، وقدم مسعود ربيعةَ، وعليهم مالك بن مسمع، فأخذوا جميعًا سكّة المربد، فجاء مسعود حتى دخل المسجد، فصعد المنبر، وعبد الله بن الحارث في دار الإمارة، فقيل له: إنَّ مسعودًا وأهل اليمن وربيعة قد ساروا، وسيهيج بين الناس شرّ، فلو أصلحتَ بينهم أو ركبت في بني تميم عليهم! فقال: أبعدهم الله! لا والله لا أفسدت نفسي في إصلاحهم، وجعل رجل من أصحاب مسعود يقول:

لأُنْكِحَنَّ بَبَّهْ ... جارِيَةً في قبَّهْ

تَمْشُطُ رأسَ لَعْبهْ

<<  <  ج: ص:  >  >>