فضربتُ أعناقَهم، فأما إذ فأتت هاتان فليتني كنت أقدم الشام ولم يُبرِموا أمرًا.
قال بعضهم: فقدم الشام ولم يُبرموا أمرًا، فكأنما كانوا معه صبيانًا؛ وقال بعضهم: قدم الشام وقد أبرموا، فنقض ما أبرموا إلى رأيه. (٥: ٥٢٢ - ٥٢٣).
وفي هذه السنة طرد أهلُ الكوفة عَمرو بن حُرَيث وعَزَلوه عنهم، واجتمعوا على عامر بن مسعود.
ذكر الخبر عن عزلهم عمرو بن حُريث وتأميرهم عامرًا.
قال أبو جعفر: ذكر الهيثم بن عديّ، قال: حدّثنا ابن عيَّاش، قال: كان أوّل من جُمع له المِصران: الكوفة والبَصرة زيادًا وابنه، فقتلا من الخوارج ثلاثة عشر ألفًا، وحبس عبيد الله منهم أربعة آلاف، فلما هلك يزيد قام خطيبًا، فقال: إنَّ الذي كنا نقاتل عن طاعته قد مات، فإن أمّرتموني جبَيْت فَيْئكم، وقاتلتُ عدوّكم، وبعث بذلك إلى أهل الكوفة مُقاتِل ابن مِسمَع وسعيد بن قرحا، أحد بني مازن، وخليفته على الكوفة عمرو بن حُرَيث، فقاما بذلك، فقام يزيد بن الحارث بن رُوَيم الشيبانيّ، فقال: الحمد لله الذي أراحنا من ابن سُمَيَّة، لا ولا كرامة! فأمر به عمرو فلبِّب ومُضِيَ به إلى السجن، فحالت بكْر بينهم وبينه، فانطلق يزيد إلى أهله خائفًا، فأرسل إليه محمَّد بن الأشعث: إنَّك على رأيك، وتتابعت عليه الرُّسُل بذلك، وصعد عمرو المنبر فحَصبُوه، فدخل دارَه، واجتمع الناسُ في المسجد فقالوا: نؤمِّر رجلًا إلى أن يجتمعَ الناسُ على خليفة، فأجمعوا على عمر بن سعد، فجاءت نساء هَمْدان يبكين حُسيْنًا ورجالُهم متقلدو السيوف، فأطافوا بالمِنبر، فقال محمَّد بن الأشعث: جاء أمرٌ غيرَ ما كنا فيه، وكانت كِنْدة تقوم بأمرِ عمر بن سَعْد لأنهم أخوالُه، فاجتمعوا على عامر بن مسعود، وكتبوا بذلك إلى ابن الزبير، فأقرّه. (٥: ٥٢٣ - ٥٢٤).
وأما عوانة بن الحَكم؛ فإنَّه قال فيما ذكر هشام بن محمَّد عنه: لما بايع أهلُ البَصرة عُبيد الله بن زياد بعث وافدين من قبله إلى الكوفة: عمرو بن مِسمَع، وسعد بن القرحا التميمّي؛ ليعلم أهل الكوفة ما صنع أهل البصرة، ويسألانهم البيعةَ لعُبيد الله بن زياد، حتى يصطلح الناس، فجمع الناس عمرو بن حريث، فحَمِد الله وأثنَى عليه ثمّ قال: إنَّ هذين الرجلين قد أتيَاكم من قِبَل أميركم يدعُوانكم إلى أمر يجمعَ الله به كلمَتكم، ويُصلح به ذات بينكم، فاسمعوا