العبديّ، أنَّ ابنَ محمّد لما أقبل من سِجِستانَ أمّر على بُسْتِ عياضَ بن هيمان البَكريّ، من بني سَدُوس بن شَيْبان بن ذُهْل بن ثعلبة، وعلى زَرْنِج عبد الله بن عامر التميميّ، ثمَّ الدارِميّ، ثمَّ بعث إلى رُتْبيل، فصالحه على أن ابنَ الأشعث إن ظَهَر فلا خَرَاجَ عليه أبدًا ما بَقيَ، وإن هُزم فأراده ألجأه عندَه (١). (٦/ ٣٣٦).
قال أبو مِخنَف: حدثني خُشَينة بنُ الوَليد العبسيّ أنّ عبد الرحمن لمّا خرج من سِجِستَانَ مقبلًا إلى العراق سار بين يديه الأعشَى على فرس، وهو يقول:
شَطَّت نَوَى مَنْ دارُهُ بالإِيوانْ ... إِيوانِ كِسْرى ذي القُرَى والرَّيحانْ
مِن عاشِقٍ أَمسَى بزَابُلِسْتَانْ ... إنَّ ثقيفًا منهمُ الكذَّابانْ
كذَّابُهَا الماضِي وكذابٌ ثانْ ... أمكَنَ ربِّي من ثقيفِ هَمْدانْ
يومًا إلى الليل يُسَلّى ما كان ... إِنَّا سَمَوْنا للكَفُور الفَتَّانْ
حين طَغَى في الكفر بعدَ الإِيمانْ ... بالسَّيّدِ الغِطْرِيفِ عبدِ الرّحمنْ
سارَ بجمْع كالدَّبَى من قَحْطانْ ... ومِن مَعَدٍّ قد أتى ابن عَدْنانْ
بِجَحْفَل جَمٍّ شديدِ الإِرْنَانْ ... فقلْ لحجَّاجٍ وليّ الشيطانْ
يثبُتْ لِجَمْعِ مَذْحِجٍ وَهَمْدانْ ... فإنَّهمْ ساقُوه كأْسَ الذَّيْفَانْ
ومُلحِقُوهُ بقُرَى ابنِ مَرْوَانْ
قال: وبعَث على مقدمته عطية بن عمرو العنبريّ، وبعث الحجاج إليه الخيل، فجعل لا يَلقَى خيلًا إلا هزمَها، فقال الحجاج: من هذا؟ فقيل له: عطيّة، فذلك قولُ الأعشى:
فإذا جَعلتَ دُرُوب فا ... رِسَ خَلْفَهُمْ درْبًا فدَرْبَا
فابْعَثْ عطِيَّةَ في الخُيو ... لِ يُكِبُّهُنَّ عَلَيْكَ كَبَّا
ثمّ إن عبد الرحمن أقبل يسير بالناس، فسأل عن أبي إسحاق السَّبيعيّ، وكان قد كتبه في أصحابه، وكان يقول: أنت خالي، فقيل له: ألا تأتيه فقد سأل عنك! فكرِه أن يأتيَه، ثمّ أقبل حتى مرّ بكَرْمان فبعث عليهم خَرَشة بن عمرو التميميّ، ونزل أبو إسحاق بها، فلم يدخل في فتنته حتى كانت الجماجم، ولما دخل الناسُ فارسَ اجتمع الناس بعضهم إلى بعض، وقالوا: إنا إذا خلعنا الحجّاجَ
(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.