للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاملَ عبد الملك فقد خلعْنا عبدَ الملك؛ فاجتمعوا إلى عبد الرحمن، فكان أول الناس (١). (٦/ ٣٣٧ - ٣٣٨).

قال أبو مخنف فيما حدثني أبو الصلت التيمي: خلع عبد الملك بن مروان تيحانُ بن أبْجر من بني تيم الله بن ثعلبة، فقام فقال: أيها الناس، إني خلعت أبا ذِبَّان كَخلْعي قميصِي، فخلعه الناسُ إلَّا قليلًا منهم، ووثبوا إلى ابن محمَّد فبايعوه، وكانت بيعتُه: تُبايعون على كتاب الله وسنة نبيه وخلع أئمة الضلالة وجهاد المحِلِّين، فإذا قالوا: نعم بايَع، فلما بلغ الحجّاج خلعُه كتب إلى عبد الملك يخبره خبرَ عبدِ الرحمن بن محمَّد بن الأشعث، ويسأله أن يعجل بعثة الجنود إليه، وبعث كتابه إلى عبدِ الملك يتمثّل في آخره بهذه الأبيات، وهي للحارث بن وَعْلة:

سائِلْ مُجَاوِرَ جَرْمٍ هل جَنَيْتُ لهمْ ... حَرْبًا تُفَرِّقُ بين الجِيرَةِ الخُلُطِ

وهلْ سمَوْتُ بِجَرَّارٍ له لَجبٌ ... جَمِّ الصَّوَاهِلِ بين الجمِّ والفُرُط

وهل تركتُ نساءَ الحَيِّ ضاحيةً ... في سَاحَةِ الدّار يَسْتَوْقِدْنَ بالغُبُطِ

وجاء حتى نزل البصْرة، وقد كان بلغ المهلبَ شقاق عبد الرحمن وهو بسِجسْتان، فكتب إليه:

أما بعد، فإنك وضعتَ رجْلك يا بن محمَّد في غَرْز طويل الغَيّ على أمة محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، اللهَ الله فانظر لنفسك لا تُهلِكْها؛ ودماء المسلمين فلا تَسفِكْها، والجماعة فلا تفرّقها، والبَيعة فلا تَنكُثْها، فإن قلتَ: أخاف الناس على نفسِي فاللهُ أحقّ أن تخافه عليها من الناس، فلا تُعرّضها لله في سَفْك لم، ولا استحلال محرّم والسلام عليك.

وكتَبَ المهلّب إلى الحجّاج:

أما بعد فإنّ أهلَ العراق قد أقبلوا إليك وهم مِثل السَّيْل المنحدر من عَل، وليس شيء يردّه حتى ينتهي إلى قراره، وإنّ لأهل العراق شِرَّةً في أوّل مخرجهم، وصَبابة إلى أبنائهم ونسائهم، فليس شيء يردّهم حتى يَسقُطوا إلى


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>