للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربيعة، إنَّ فيّ شَرسَفةً عند الحرب فاحتملوها لي - وكان شُجاعًا - فخرج الناسُ ذاتَ يوم ليَقتتلوا، فَحمل في خيلِ ربيعةَ حتى دخل عسكرَهم، فأصابوا فيهم نحوًا من ثلاثين امرأةً من بين أمَة وسُرّيّة، فأقبل بهن حتى إذا دنا من عسكره ردّهنّ، فجئن ودخلْنَ عسكر الحجاج، فقال: أوْلَى لهم! مَنَع القومُ نساءَهم، أما لو لم يردّوهنّ لسبيت نساؤهم غدًا إذا ظَهرت ثمَّ اقتَتلوا يومًا آخَر بعد ذلك، فحمَل عبدُ الله بنُ مُلَيل الهَمْدانيّ في خيل له حتى دخل عسكرهم فسبا ثمانيَ عشرةَ امرأةً، وكان معه طارقُ بنُ عبد الله الأسديّ - وكان راميًا - فخرج شيخٌ من أهل الشام من فُسْطاطِه، فأخَذ الأسديّ يقول لبعض أصحابه: استرْ منّي هذا الشيخَ لعلّني أرمِيه أو أحمل عليه فأطعنه، فإذا الشيخ يقول رافعًا صوتَه: اللهمّ لُمّنا وإيّاهم بعافية؛ فقال الأسَديّ: ما أحبّ أن أقتَل مِثلَ هذا، فتركه وأقبَل ابنُ مليل بالنساء غيرَ بعيد؛ ثمّ خلّى سبيلَهنّ أيضًا، فقال الحجّاج مِثلَ مقالتِه الأولى (١). (٦/ ٣٥٩ - ٣٦٠).

قال هشام: قال أبي: أقبل الوليد بن نُحيْت الكلبيّ من بني عامر في كتيبة إلى جَبَلة بن زحْر، فانحطّ عليه الوليد من رابية - وكان جسيمًا، وكان جبَلة رجلًا رَبْعةً - فالتَقَيا، فضربَه على رأسه فسَقَط، وانهزَم أصحابُه وجِيء برأسِه. (٦/ ٣٦٠).

قال هشام: فحدّثني بهذا الحديث أبو مِخنَف وعَوانة الكلبيّ، قال: لمّا جيء برأس جبلة بن زَحْر إلى الحجاج حَمَله على رمحين ثمّ قال: يا أهل الشام، أبشِروا؛ هذا أوّل الفتح، لا والله ما كانت فِتنة قطّ فخبَتْ حتى يُقتل فيها عظيمٌ من عظماء أهل اليَمَن، وهذا من عظمائهم، ثمّ خرجوا ذاتَ يوم فخرج رجلٌ من أهل الشام يدعو إلى المبارَزة، فخرج إليه الحجّاج بن جارية، فحملِ عليه، فطعنَه فأذْراه، وحمل أصحابُه فاستنقَذوه، فإذا هو رجل من خَثْعَم يقال له أبو الدَّرداء، فقال الحجاج بن جارية: أما إنّي لم أعرفه حتى وقع، ولو عرفتُه ما بارزته، ما أحِبّ أن يصابَ من قومي مِثله، وخرج عبد الرحمن بن عوف الرّؤاسيّ أبو حميد فدعا إلى المبارزة، فخرج إليه ابن عمّ له من أهل الشام،


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>