هذا، له عادة وقد أرعب الناس، وقد أذنت لأصحابك، فمن أحبَّ أن يقوم فليَقم.
فرجع سعيد الحَرشيّ إلى أصحابه فأعلمهم، فلما نادى ذلك الرجل بالبراز بَرَز إليه رجل من أصحاب الحرشيّ، فقتله قدامةُ، فشقّ ذلك على سعيد، وثَقُل عليه لكلامه الحجاج، ثمَّ نادى قدامة: مَن يُبارِز؟ فدنا سعيد من الحجاج، فقال: أصلَحَ الله الأمير! ائذَن لي في الخروج إلى هذا الكَلْب، فقال: وعندَك ذلك؟ قال سعيد: نعم، أنا كما تحبّ؛ فقال الحجاج: أرِني سيفَك، فأعطاه إياه، فقال الحجّاج - ونظر إلى سعيد فقال: ما أجوَدَ دِرعَك وأقوى فرسك! ولا أدري كيف تكون مع هذا الكلب! قال سعيد: أرجو أن يُظفِرني الله به، قال الحجاج: أخرج على بَرَكة الله، قال سعيد: فخرجتُ إليه، فلما دنوتُ منه، قال: قفْ يا عدوَّ الله، فوقفتْ، فسرّني ذلك منه، فقال: اختَر إما أنْ تُمكِنني فأضربَك ثلاثًا، وإما أن أمكِنك فتضرَبني ثلاثًا، ثمّ تُمكِنني، قلت: أمكِنّي، فوَضَع صدرَه على قَرَبوسه ثمّ قال: اضربْ، فجمعتَ يديّ على سَيْفي، ثمَّ ضربتَ على المِغفرَ متمكِّنًا، فلم يصنع شيئًا، فساءني ذلك من سيفي ومِن ضَرْبتي، ثمّ أجمع رأيي أن أضربَه على أصل العاتق، فإما أن أقطع وإما أن أوهن يدَه عن ضربته، فضربتُه فلم أصنع شيئًا؛ فساءني ذلك ومن غاب عني ممّن هو في ناحية العسكر حتى بلغه ما فعلت، والثالثةَ كذلك، ثمّ اخترط سيفًا ثمَّ قال: أمكنّي، فأمكَنْته، فضربني ضربةً صَرَعني منها، ثمَّ نزل عن فرسه وجلس على صَدري، وانتَزعَ من خُفّيْه خِنْجرًا أو سكّينًا فوضعها على حَلْقي يريد ذَبْحي، فقلتُ له: أُنشدُك الله! فإنك لست مصيبًا من قتلى الشرف والذكر مثلَ ما أنت مصيب من تَرْكي، قال: ومن أنتَ؟ قلت: سعيد الحَرشيّ، قال: أوْلى يا عدو الله! فانْطلِقْ فأعلِم صاحبك ما لقيت.
قال سعيد: فانطلقتُ أسعى حتى انتهيتُ إلى الحجاج، فقال: كيف رأيتَ! فقلتُ: الأميرُ كان أعلمَ بالأمر. (٦/ ٣٦٧ - ٣٦٣).
* * *
رجع الحديث إلى حديث أبي مِخنَف، عن أبي يزيد، قال: وكان