قال الحجاج: لا واللهِ لا تُبَخبخ بعدَها لأحد أبدًا، فقَدّمه فضَرَب عُنقَه (١).
(٦/ ٣٧٥ - ٣٧٨).
وقد ذُكر من أمر هؤلاء الأسرى الذين أسَرَهم يزيدُ بن المهلب ووجّههم إلى الحجّاج ومن فُلول ابن الأشعث الذين انهزَموا يومَ مسكِن أمرٌ غيرَ ما ذكره أبو مِخنَف عن أصحابه، والذي ذُكِر عنهم من ذلك أنه لما انهزم ابنُ الأشعث مضى هؤلاء مع سائر الفَلّ إلى الرّي، وقد غلب عليها عُمر بن أبي الصّلت بن كنارا مولى بني نَصْر بن معاوية، وكان من أفْرَس الناس، فانضمّوا إليه، فأقبَل قتيبةُ بن مسلم إلى الرّيّ مِن قِبَل الحجاج وقد ولّاه عليها. فقال النفرُ الذين ذكرت أنّ يزيد بن المهلّب وجّههم إلى الحجاج مقيّدين وسائر فلّ ابن الأشعث الذين صاروا إلى الرّي لعمرَ بن أبي الصّلت: نوليك أمرَنا وتحارب بنا قتيبة؛ فشاور عُمر أباه أبا الصّلت، فقال له أبوه: والله يا بُنيّ ما كنتُ أبالي إذا سار هؤلاء تحت لوائك أن تُقتَل من غد، فعقد لواءه، وسار فَهُزم وهُزم أصحابه، وانكشفوا إلى سِجِستانَ، واجتمعتْ بها الفُلول، وكتبوا إلى عبد الرحمن بن محمد وهو عند رُتْبِيل، ثمّ كان من أمرهم وأمر يزيدَ بن المهلب ما قد ذكرتُ.
وذكَر أبو عُبيدة أنّ يزيدَ لما أراد أن يوجّه الأسرى إلى الحجّاج قال له أخوه حبيب: بأيّ وجه تَنظر إلى اليمانية وقد بعثت ابن طلحة! فقال يزيدُ: هو الحجاج، ولا يُتعرّض له! وقال: وَطن نفسَك على العَزْل، ولا تُرسل به، فإنّ له عندنا بلاءً، قال: وما بلاؤه؟ قال لُزِم المهلب في مسجد الجماعة بمئتي ألف، فأدّاها طلحة عنه، فأطلقَه، وأرسل بالباقين، فقال الفرزدق:
وقيل: إنّ الحجاج لما أتِي بهؤلاء الأسرى من عند يزيد بن المهلب قال لحاجبه: إذا دعوتُك بسيِّدهم فائْتني بفيْرُوز، فأبرز سريره - وهو حينئذ بواسِط القَصَب قبل أن تُبنَى مدينة واسط - ثمّ قال لحاجبه: جئني بسيّدهم؛ فقال لفَيْروز: