قال: وعُزِل أميّة، وقَدِم المهلب أميرًا فلم يَعرِض لابن خازم، وقال لبنيه: إياكم وموسى، فإنكم لا تزالون وُلاةَ هذا الثغر ما أقام هذا الثطّ بمكانِه، فإنْ قُتل كان أوّل طالع عليكم أميرًا على خُراسان رجلٌ من قيس، فماتَ المهلب ولم يوجّه إليه أحدًا، ثم تولى يزيدُ بنُ المهلب فلم يَعرِض له، وكان المهلب ضرب حُرَيْثَ بن قُطْبة الخُزاعيّ، فخرج هو وأخوه ثابت إلى موسى، فلما ولى يزيد بن المهلب أخذ أموالَهما وحرَمَهما وقَتَلَ أخاهما لأمهما؛ الحارث بن مُنقِذ، وقَتلَ صِهرًا لهما كانت عندَه أمّ حفص ابنةُ ثابت، فبلَغهما ما صنع يزيد.
قال: فخرج ثابت إلى طَرْخون فَشَكا إليه ما صنع به - وكان ثابت محبَّبًا في العَجَم، بعيدَ الصّوت، يعظمونه ويثقون به، فكان الرّجل منهم إذا أعطَى عهدًا يريدُ الوفَاء به حلفَ بحياة ثابت فلا يَغدِر - فغَضِب له طَرْخون وجمعَ له نَيْزك والسَّبَل وأهلَ بخارى والصّغانيان، فقَدِموا مع ثابت إلى موسى بن عبد الله، وقد سُقِط إلى موسى فَلّ عبد الرحمن بن العباس من هَراةَ، وفلّ ابن الأشعث من العِراق ومن ناحية كابُل، وقومٌ من بني تميم ممن كان يقاتل ابنَ خازم في الفتنة من أهل خُراسان، فاجتمع إلى موسى ثمانية آلاف من تميم وقيس وربيعة واليمن، فقال له ثابت وحرَيْث: سرْ تقطع النهر فتُخرج يزيدَ بنَ المهلب عن خُراسان؛ ونوليك، فإنّ طَرْخون ونَيزَك والسبل وأهلَ بُخارَى معك، فهمّ أن يفعَل، فقال له أصحابه: إنّ ثابتًا وأخاه خائفان ليزيد، وإن أخرجت يزيدَ عن خُراسان وأمِنَا تولَّيا الأمر وغَلَباك على خُراسان، فأقمْ مكانَك، فقبل رأيَهم، وأقام بالترْمِذ.
وقال لثابت: إنْ أخرجنا يزيدَ قَدِم عاملٌ لعبِد الملك، ولكنا نخرج عمَّال يزيدَ من وراء النهر مما يلينا، وتكون هذه الناحية لنا نأكلها، فرضَي ثابت بذلك، وأخرج من كان من عمال يزيدَ من وراء النهر، وحُملت إليهم الأموالُ، وقويَ أمرُهم وأمرُ موسى، وانصرف طرخون ونيزك وأهل بخارى والسبل إلى بلادهم، وتَدْبير الأمر لحريْث وثابت، والأميرُ موسى ليس له غيرُ الاسم، فقال لموسى أصحابُه: لسنا نرى من الأمر في يديك شيئًا أكثرَ من اسم الإمارة، فأمَّا التدبير فلِحُريث وثابت، فاقتُلْهما وتولَّ الأمَر، فأبى وقال: ما كنت لأغدر بهما وقد قوَّيا أمري، فحسَدُوهما وألحّوا على موسى في أمرهما حتى أفسَدوا قلَبه، وخوّفوه