وأنت تكتمني! فمضيتُ، فلما كنت بحُلوان تلقاني الناسُ بقتل قتيبة. (٦/ ٥٠٨ - ٥٠٩).
قال عليّ: وذكر أبو الذّيال وكُليب بن خَلَف وأبو عليّ الجُوزجانيّ عن طُفيل بن مِرْداس، وأبو الحسن الجشَميّ، ومصعَب بن حيّان عن أخيه مقاتِل بن حيّان، وأبو مخنَف وغيرهم، أن قتيبة لما همّ بالخَلْع استشار إخوتَه، فقال له عبد الرحمن: اقطع بعثًا فوجِّه فيه كلّ من تَخافه، ووجِّه قومًا إلى مَرْو، وسِر حتى تنزلَ سمَرْقند، ثم قل لمن معك: مَن أحَبّ المقام فله المواساة، ومن أراد الانصرافَ فغيْر مستكرَه ولا مَتْبوعٍ بسوء، فلا يقيم معك إلا مناصح، وقال له عبد الله: اخلعه مكانك، وادع الناس إلى خلعِه، فليس يختلف عليك رجلان، فأخذ برأي عبد الله، فخلع سليمان، ودعا الناسَ إلى خَلْعه، فقال للناس:
إني قد جمعتكم من عين التمر وفيْض البحر فضممت الأخ إلى أخيه، والولدَ إلى أبيه، وقسمتُ بينكم فيئكم، وأجَرْيت عليكم أعطِياتِكم غير مكدّرة ولا مؤخَّرة، وقد جرّبتم الوُلاةَ قَبلي؛ أتاكم أمية فكتب إلى أمير المؤمنين إنّ خَراجَ خُراسان لا يقوم بمطبخي، ثمّ جاءكم أبو سعيد فدوّم بكم ثلاثَ سنينَ لا تَدْرون أفي طاعة أنتم أم في معصية! لم يَجْب فَيْئًا، ولم يَنكَأ عدوًّا، ثمّ جاءكم بنَوه بعدَه؛ يزيد، فحل تبارَى إليه النساء، وإنما خليفتُكم يزيدُ بن ثروان هَبَنّقَةُ القَيْسيّ.
قال: فلم يُجبه أحد، فغَضِب فقال: لا أعزّ اللهُ من نصرْتم، والله لو اجتمعتم على عَنْز ما كسرتم قرنها، يا أهل السافِلة - ولا أقول أهلَ العالية - يا أوباشَ الصَّدَقة، جمعتُكم كما تُجمَع إبلُ الصدقة من كلّ أوْب، يا معشرَ بكر بن وائل، يا أهل النفخ والكذب والبُخْل. بأيّ يومَيْكم تفخَرون؟ بيَوم حَرْبكم، أو بيوم سلمِكم! فوالله لأنا أعزّ منكم، يا أصحاب مُسيلمة، يا بني ذميم - ولا أقول تميم - يا أهل الخَوَر والقَصْف والغَدْر، كنتم تسمّون الغَدْر في الجاهلية كَيْسان، يا أصحابَ سَجاح، يا معشر عبد القيس القُساة، تبدّلتم بأبْر النَّحل أعنّةَ الخيل.
يا معشر الأزْد، تبدّلتم بقُلُوس السفن أعنة الخيل الحُصُن؛ إن هذا لَبدعة في الإسلام! والأعراب، وما الأعراب! لعنةُ الله على الأعراب! يا كناسةَ المصرَيْن،