للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جمعتُكم من منابت الشيح والقَيْصوم ومَنابت القِلقِل تركبون البَقَر والحُمُر في جزيرة ابنِ كاوانَ، حتى إذا جمعتُكم كما تُجمَع قَزَع الخريف قُلتُم كَيتَ وكَيْت! أما والله إني لابن أبيه! وأخو أخيه، أما والله لأعصبنكم عَصْبَ السَّلمة، إنّ حَوْل الصِّلِّيان الزمْزَمة. يا أهل خُراسانَ، هل تدرون من وليُّكم؟ وليَكم يزيدُ بن ثَرْوان، كأني بأمير مزجاء، وحَكَم قد جاءكم فغلَبكم على فيئكم وأظلالِكم، إن ها هنا نارًا ارْمُوها أرْم معكم، ارُموا غرضكم الأقصى، قد استُخْلف عليكم أبو نافع ذو الوَدَعات، إنّ الشام أبٌ مَبْرور، وإن العراق أبٌ مكفور. حتى متى يتبطح أهل الشام بأفنِيتكم وظِلالِ دياركم! يا أهل خُراسانَ، انسبُوني تجدوني عراقيّ الأمّ، عراقيّ الأب، عراقيّ المولد، عراقيّ الهوى والرأي والدين، وقد أصبحتم اليومَ فيما تَرَون من الأمْنِ والعافية قد فَتَح الله لكمَ البلاد، وآمن سُبُلَكم، فالظّعينة تَخرُج من مَرْوَ إلى بَلْخَ بغير جَواز، فاحمدوا الله على النعمة، وسَلوه الشكرَ والمزيدَ.

قال: ثمّ نزل فدخل منزلَه، فأتاه أهلُ بيته فقالوا: ما رأيْنا كاليومِ قطّ، واللهِ ما اقتصرتَ على أهل العالية وهم شِعارُك ودِثارُك، حتى تناولتَ بَكرًا وهم أنصارُك، ثمّ لم ترض بذلك حتى تناولتَ تميمًا وهم إخوتُك، ثم لم ترض بذلك حتى تناولْتَ الأزْد وهم يدك! فقال: لما تكلمتُ فلم يجبْني أحدٌ غضبت، فلم أدرِ ما قلتُ؛ إنّ أهل العالية كإبل الصَّدَقة قد جُمِعتْ من كل أوْب، وأمّا بَكْر فإنها أمَة لا تمنَع يَد لامس، وأما تميم فَجمَل أجْرَب، وأما عبد القيس فما يضرب العير بَذَنَبْه، وأما الأزْد فأعلاجٌ شرارُ مَنْ خَلَق الله، لو ملكتُ أمرَهم لوسمتهم.

قال: فغضب الناسُ وكَرِهوا خلْعَ سليمان، وغضبَت القبائلُ من شتْم قتيبة، فأجمَعوا على خلافه وخَلْعِه، وكان أول من تكلم في ذلك الأزد، فأتوا حُضَين بن المنذر فقالوا: إنّ هذا قد دعا إلى ما دعا إليه من خَلْع الخليفة، وفيه فسادُ الدين والدنيا، ثمّ لم يَرضَ بذلك حتى قصّر بنا وشَتَمنا، فما تَرَى يا أبا حفص؟ وكان يُكتنَى في الحرب بأبي ساسان، ويقال: كُنْيته أبو محمد - فقال لهم: حُضين: مُضَرُ بخُراسان تَعدل هذه الثلاثة الأخماس؛ وتميم أكثر الخمسَيْن، وهم فُرسانُ خُراسان، ولا يرَضَوْن أن يصيرَ الأمرُ في غير مُضَرَ، فإن أخرجْتموهم من الأمر أعانوا قتيبة؛ قالوا: إنه قد وتر بني تميم بقتل ابن الأهتم، قال: لا تنظروا إلى هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>