للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشخص مع مسلم، فقال له أسد: أقم معي فأنا أحوَج إليك من مسلم، فأقام معه، فأحسن إلى الناس وألان جانبه، وأحسن إلى الجند وأعطاهم أرزاقهم، فقال له أسَد: حلّفهم بالطلاق فلا يتخلف أحد عن مغزاه، ولا يدخل بديلًا، فأبى ذلك توبة فلم يحلفهم بالطلاق.

قال: وكان الناس بعد توبة يُحلّفون الجند بتلك الأيمان، فلما قدم عاصم بن عبد الله أراد أن يحلّف الناس بالطلاق فأبوا، وقالوا: نحلف بأيمان توبة. قال: فهم يعرفون ذلك، يقولون: أيمان توبة (١). [٧/ ٣٢ - ٣٥].

قال الواقدي: حدّثني ابن أبي الزّناد، عن أبيه، قال: كتب إليّ هشام بن عبد الملك قبل أن يدخل المدينة أن اكتب لي سُنَن الحج، فكتبتها له، وتلقاه أبو الزناد، قال أبو الزّناد: فإني يومئذ في الموكب خلفه، وقد لقيَه سعيد بن عبد الله بن الوليد بن عثمان بن عفان، وهشام يسير، فنزل له، فسلم عليه، ثم سار إلى جَنْبه، فصاح هشام ة أبو الزناد! فتقدَّمتُ، فسرت إلى جنبه الآخر، فأسمع سعيدًا يقول: يا أميرَ المؤمنين، إنّ الله لم يزل ينعم على أهل بيت أمير المؤمنين، وينصر خليفته المظلوم، ولم يزالوا يَلعنون في هذه المواطن الصالحة أبا تراب، فأمير المؤمنين ينبغي له أن يلعنه في هذه المواطن الصالحة؛ قال: فشقّ على هشام، وثقل عليه كلامه، ثم قال: مَا قدمنا لشتم أحد ولا للعنه، قدمنا حجّاجًا. ثم قطع كلامه وأقبل عليّ فقال: يا عبد الله بن ذكوان، فرغتَ مما كتبتُ إليك؟ فقلت: نعم فقال أبو الزناد: وثقُل على سعيد ما حضرته يتكلم به عند هشام، فرأيته منكسرًا كلما رآني (٢).

وفي هذه السنة كلّم إبراهيم بن محمد بن طلحة هشامَ بن عبد الملك - وهشام واقف قد صلّى في الحِجْر - فقال له: أسألك بالله وبحرْمة هذا الييت والبلد الذي خرجتَ معظِّمًا لحقه إلَّا رددتَ عليّ ظلامتي! قال: أيّ ظلامة؟ قال: داري، قال: فأين كنت عن أمير المؤمنين عبد الملك؟ قال: ظلمني والله، قال: فعن الوليد بن عبد الملك؟ قال: ظلمني والله، قال: فعن سليمان؟ قال: ظلمني، قال: فعن عمر بن عبد العزيز؛ قال: يرحمه الله، ردّها والله عليّ، قال: فعن


(١) انظر البداية والنهاية (٧/ ١٨٥).
(٢) هذا خبر لا يصح والواقدي متروك ولم يتابعه على هذا الخبر غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>