للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كانَ أصْعَرَ ذَا نَيْرَبِ ... أشاعَ الضَّلالَةَ فيما أَشاعا

كَفَيْنَا أُميةَ مَختُومَةً ... أطاعَ بها عاصمٌ مَنْ أطاعا

فلولَا مَراكزُ راياتِنا ... مِن الجند خافَ الجنودُ الضَّياعا

وصَلْنَا القَدِيمَ لَها بالحَدِيث ... وتأْبَى أمَيَّةُ إلَّا انْقطَاعا

ذخائرُ في غَيْرِنَا نَفْعُها ... وما إنْ عَرَفنا لَهُنّ انتفاعا

ولَوْ قدمَتْها وبَانَ الحجا ... بُ لأرْتَعْتِ بيْنَ حشاكِ ارتياعا

فأَين الوَفَاءُ لأهْلِ الوَفَاءِ ... والشُّكْرُ أَحْسَنُ مِنْ أَنْ يُضاعا!

وأَيْنَ ادِّخارُ بَنِي وائلٍ ... إذ الذَّخرُ في الناس كان ارتجاعا!

أَلَمْ تَعلَمِي أَنَّ أَسيافَنَا ... تُداوِي العَلِيلَ وتَشْفي الصُّداعا!

إِذَا ابْنُ حُضَيْنٍ غَدا باللواءِ ... أسلمَ أهلُ القِلاع القِلاعا

إذا ابنُ حُضَين غدَا باللواءِ ... أشارَ النُّسُورَ به والضِّباعا

إذا ابن حُضينٍ غدا باللواءِ ... ذَكَى وكانَتْ مَعَدٌّ جُداعا

قال: وكان عاصم بن سليمان بن عبد الله بن شَراحيل اليشكريّ من أهل الرَّأي، فأشار على يحيى بنقض الصحيفة؛ وقال له: "غمراتٌ ثم ينجَلينَ"، وهي المغمَّضات، فغمّض.

قال: وكان عاصم بن عبد الله في قرية بأعلى مَرْو لكندة، ونزل الحارث قرية لبني العنبر؛ فالتقوْا بالخيل والرّجال، ومع عاصم رجل من بني عَبْس في خمسمئة من أهل الشأم وإبراهيم بن عاصم العُقَيليّ في مثل ذلك؛ فنادى منادي عاصم: مَنْ جاء برأسٍ فله ثلثمئة درهم؛ فجاء رجل من عمّاله؛ برأس وهو عاضّ على أنفه، ثم جاءه رجل من بني ليث - يقال له ليث بن عبد الله - برأس. ثم جاء آخر برأس، فقيل لعاصم: إن طمع الناس في هذا لم يَدَعوا ملَّاحًا ولا عِلْجًا إلَّا أتوْك برأسه؛ فنادى مناديه: لا يأتنا أحد برأس؛ فمن أتانا به فليس له عندنا شيء؛ وانهزم أصحابُ الحارث فأسروا منهم أسارَى، وأسروا عبد الله بن عمرو المازنيّ رأس أهل مَرْو الرَّوذ، وكان الأسراء ثمانين؛ أكثرهم من بني تميم، فقتلهم عاصم بن عبد الله على نهر الداندانقان، وكانت اليمانية بعثت من الشأم رجلًا يعدل بألف يكنى أبا داود، أيّام العصبيَّة في خمسمئة؛ فكان لا يمرّ بقرية من قُرى خراسان إلَّا قال: كأنكم بي قد مررتُ راجعًا حاملًا رأس الحارث بن سُريج؛ فلما

<<  <  ج: ص:  >  >>