تزعم أنّ أسدًا ليس به نهوض! وهذا رَهَج قد أقبل من ناحية بلْخ، قال الحارث: هذا اللصّ الذي كنت قد أخبرتُك أنه من أصحابي، فبعث خاقان طلائع، فقال: انظروا هل تروْن على الإبل سريرًا وكراسيّ؟ فجاءته الطلائع، فأخبروه أنّهم عاينوها، فقال خاقان: اللصوص لا يحملون الأسرّة والكراسيّ، وهذا أسد قد أتاك. فسار أسد غَلْوة فلقيه سالم بن جناح، فقال: أبشر أيّها الأمير، قد حزرتُهم ولا يبلغون أربعة آلاف، وأرجو أن يكون عقيرة الله، فقال المجشّر بن مزاحم، وهو يسايره: أنزِلْ أيّها الأمير رجالك؛ فضرب وجْه دابته، وقال: لو أطِعْتَ يا مجشّر ما كنّا قدمنا هاهنا، وسار غير بعيد، وقال: يا أهلَ الصّباح، انزلوا، فنزلوا وقرّبوا دوابَهم، وأخذو النَّبْل والقسيّ، قال: وخاقان في مرْج قد بات فيه تلك الليلة.
قال: وقال عمرو بن أبي موسى: ارتحل أسد حين صلّى الغداة، فمرّ بالجوزجان وقد استباحها خاقان حتى بلغت خيله الشُّبورُقان، قال: وقصور الجوزجان إذا ذاك ذليلة، قال: وأتاه المقدام بن عبد الرحمن بن نُعيم الغامديّ في مقاتلته وأهل الجوزجان - وكان عاملها - فعرضوا عليه أنفسهم، فقال: أقيموا في مدينتكم، وقال للجوزجان بن الجوزجان: سِرْ معي؛ وكان على التعبئة القاسم بن بُخَيت المرَاغيّ؛ فجعل الأزد وبني تميم والجوزجان بن الجوزجان وشاكريتَه ميمنته، وأضاف إليهم أهل فلسطين، عليهم مصعب بن عمرو الخزاعيّ، وأهل قنَّسرين عليهم صغراء بن أحمر، وجعل ربيعة ميسرة، عليهم يحيى بن حُضَين، وضمّ إليهم أهل حِمْص عليهم جعفر بن حنظلة البهْرانيّ، وأهل الأزد وعليهم سليمان بن عمرو المقرئ من حِمْيَر؛ وعلى المقدّمة منصور بن مسلم البَجَليّ، وأضاف إليهم أهلَ دمشق عليهم حملة بن نُعيم الكلبيّ، وأضاف إليهم الحرس والشرطة وغلمان أسد.
قال: وعبّى خاقان الحارث بن سُرَيج وأصحابه وملك السُّغد وصاحب الشاش وخرَا بُغْرة أبا خاناخزة، جدّ كاوس وصاحب الخُتّل وجبغويه، والتّرك كلهم ميمنة، فلمّا التقوا حمل الحارث، ومَنْ معه من أهل السُّغد والبابيّة وغيرهم على الميسرة، وفيها ربيعة وجندان من أهل الشأم؛ فهزمهم فلم يردّهم شيء دون رواق أسد؛ فشدّت عليهم الميمنة - وهم الأزْد وبنو تميم والجوزجان - فما وصلوا