قال: وقدم رسول يوسف عليه اليمن، فقال له: ما وراءك؟ قال: الشرّ، أمير المؤمنين ساخط، وقد ضربني ولم يكتب جواب كتابك، وهذا كتاب سالم صاحب الديوان، ففضّ الكتاب فقرأه، فلما انتهي إلي آخره قرأ كتاب هشام بخطه: أن سرْ إلي العراق فقد وليتك إياه، وإياك أن يعلم بذاك أحد؛ وخذ ابنَ النصرانيّة وعمّاله فاشفني منهم؛ فقال يوسف: انظروا دليلًا عالمًا بالطريق، فأتِي بعدّة، فاختار منهم رجلًا وسار من يومه، واستخلف علي اليمن ابنه الصّلت فشيَّعه؛ فلما أراد أن ينصرف سأله: أين تريد؟ فضربه مئة سوط، وقال: يا بن اللخناء، أيخفي عليك إذا استقرّ بي منزل، فسار، فكان إذا أتي إلي طريقين سأل، فإذا قيل: هذا إلي العراق، قال: أعرِق، حتي أتي الكوفة. [٧/ ١٣٩ - ١٥٠].
قال عمر: قال عليّ: قال سالم زنبيل: لما صرنا إلي النَّجف قال لي يوسف: انطلق فائْتني بطارق؛ فلم أستطع أن آبَى عليه، وقلت في نفسي: مَنْ لي بطارق في سلطانه! ثم أتيت الكوفة، فقلت لغلمان طارق: استأذنوا لي علي طارق، فضربوني فصِحْتُ له: ويلك يا طارق! أنا سالم رسول يوسف، وقد قدم علي العراف. فخرج فصاح بالغلمان، وقال: أنا آتيه.
قال: وروي أنّ يوسف قال لكيسان: انطلق فائْتني بطارق؛ فإنْ كان قد أقبل فاحمله علي إكاف، وإن لم يكن أقبل فأت بِهِ سَحبًا. قال: فأتيته بالحيرة دار عبد المسيح -وهو سيّد أهل الحيرة- فقلت له: إنّ يوسف قد قدم علي العراق؛ وهو يأمرك أن تشدّ طارقًا وتأتيهَ به؛ فخرج هو وولده وغلمانه حتي أتوْا منزل طارق -وكان لطارق غلام شجاع معه غلمان شجعاء لهم سلاح وعدّة- فقال لطارق: إن أذنْتَ لي خرجت إلي هؤلاء فيمن معي فقتلتُهما، ثم طرتَ علي وجهك. فذهبتَ حيث شئت. قال: فأذن لكيسان، فقال: أخبِرْني عن الأمير، يريد المال؟ قال: نعم؛ قال: فأنا أعطيه ما سأل؛ وأقبلوا إلي يوسف فتوافوْا بالحيرة، فلما عاينه ضربه ضربًا مبرّحًا -يقال: خمسمئة سوط- ودخل الكوفة، وأرسل عطاء بن مقدّم إلي خالد بالحمّة. قال عطاء: فأتيتُ الحاجب فقلتُ: استأذن لي علي أبي الهيثم. فدخل وهو متغيّر الوجه فقال له خالد: ما لك؟ قال: خير، قال: ما عندك خير، قال: عطاء بن مقدّم قال: استأذن لعب علي أبي الهيثم، فقال: