للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأسه، وضربه، فبكى الشيخ، قال بِشْر: فقلت له -وأنا أعزّيه: عليك بالصبر، فقال: أتراني أبكي للضّرب! إنما أبكي لاحتقاره للبَرْبَط إذ سماه طنبورًا!

قال: وأغلظ رجل لهشام، فقال له هشام: ليس لك أن تُغلظ لإمامك!

قال: وتفقّد هشام بعض ولده -ولم يحضر الجمعة- فقال له: ما منعك من الصلاة؟ قال: نفقَتْ دابتي، قال: أفعجزتَ عن المشي فتركت الجمعة! فمنعه الدّابّة سنَة.

قال: وكتب سليمان بن هشام إلى أبيه: إنّ بغلتي قد عجزت عني؛ فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمُر لي بدابّة فعل، فكتب إليه: قد فهم أميرُ المؤمنين كتابك، وما ذكرتَ من ضَعْف دابّتك، وقد ظنّ أمير المؤمنين أن ذلك من قلة تعهّدك لعلَفها، وأنّ علفها يضيع، فتعهّد دابّتَك في القيام عليها بنفسك، ويرى أمير المؤمنين رأيه في حُملانك (١).

قال: وكتب إليه بعضُ عمّاله: إني قد بعثت إلى أمير المؤمنين بسلّة دُراقن (٢)؛ فليكتب إليَّ أميرُ المؤمنين بوصولها، فكتب إليه: قد وصل إلى أمير المؤمنين الدّراقن الذي بعثتَ به فأعجبه، فزدْ أمير المؤمنين منه، واستوثق من الوعاء.

قال: وكتب إلى بعض عُمّاله: قد وصلتِ الكَمْأة التي بعثتَ بها إلى أمير المؤمنين وهي أربعون، وقد تغيّر بعضها، ولم تُؤتَ في ذلك إلا من حشوها، فإذا بعثت إلى أمير المؤمنين منها شيئًا فأجد حَشْوَها في الظَّرْف الذي تجعلها فيه بالرّمل؛ حتى لا تضطرب ولا يصيب بعضُها بعضًا.

حدّثني أحمد، قال: حدثني عليّ، قال: حدّثنا الحارث بن يزيد، قال: حدّثني مولي لهشام، قال: بعث معي مولي لهشام كان على بعض ضِياعه بطيْرين ظريفين، فدخلت إليه وهو جالس على سرير في عَرْصة الدار، فقال: أرسلهما في الدار، قال: فأرسلتهُما فنظر إليهما، فقلتُ: يا أميرَ المؤمنين، جائزتي، قال: ويلك! وما جائزة طيرين؟ قلتُ: ما كان، قال: خذ أحَدهما، فعدوْتُ في


(١) حملانك؛ أي حملك. القاموس المحيط ص ١٢٧٦.
(٢) الدراقن: شجر مثمر مشهور من الفصيلة الوردية وهو الخوخ بلغة أهل مصر، وله أنواع وفي غوطة دمشق نوع جيِّد يعرف بالدرَّاقن الزهري.

<<  <  ج: ص:  >  >>