ببيوت الأموال، قال: فخرج يوسف واستخلف ابن عمّه يوسف بن محمد، وحمل من الأموال والأمتعة والآنية ما لم يحملْ من العراق مثله. فقدم - وخالد بن عبد الله محبوس - فلقيه حسَان النَّبطيّ ليلًا، فأخبره أنّ الوليد عازم على تولية عبد الملك بن محمد بن الحجاج، وأنه لابدّ ليوسف فيها من إصلاح أمر وزرائه، فقال: ليس عندي فضل درهم، قال: فعندي خمسمئة ألف درهم، فإن شئتَ فهي لك، وإن شئت فارددْها إذا تيسرت. قال: فأنت أعرفُ بالقوم ومنازلهم من الخليفة مني، ففرّقْها على قدر عِلْمِك فيهم، ففعل، وقدم يوسف والقوم يعطمّونه، فقال له حسان: لا تَغْدُ على الوليد؛ ولكن رُحْ إليه رواحًا؛ واكتب على لسان خليفتك كتابًا إليك: إنّي كتبت إليك ولا أملك إلا القَصْر، وادخل على الوليد والكتابُ معك متحازِنًا، فأقْرئه الكتاب، ومُرْ أبان بن عبد الرحمن النميريّ يشتري خالدًا منه بأربعين ألف ألف، ففعل يوسف، فقال له الوليد: ارجع إلى عملك، فقال له أبان: ادفع إليّ خالدًا وأدفع إليك أربعين ألف ألف درهم، قال: ومن يضمن عنك؟ قال: يوسف، قال: أتضمن عنه؟ قال: بل ادفعه إليّ، فأنا أستأديه خمسين ألف ألف، فدفعه إليه، فحمله في محمل بغير وِطاء.
قال محمد بن محمد بن القاسم: فرحمتُه، فجمعت ألطافًا كانت معنَا من أخبصة يابسة وغيرها في منديل، وأنا على ناقة فارهة، فتغَفّلتُ يوسفَ، فأسرعتُ ودنوتُ من خالد، ورميتُ بالمنديل في محمله، فقال لي: هذا من متاع عُمان - يعني أن أخي الفَيْض كان على عُمان، فبعث إليّ بمال جسيم - فقلت في نفسي: هذا على هذه الحالة وهو لا يَدع هذا! ففطن يوسف بي فقال لي: ما قلتَ لابن النصرانيَّة؟ فقلت: عرضتُ عليه الحاجة، قال: أحسنتَ، هو أسير؛ ولو فطن بما ألقيتُ إليه للقيني منه أذيً.
وقدم الكوفة فقتله في العذاب؛ فقال الوليد بن يؤيد - فيما زعم الهيثم بن عديّ - شعرًا يُوبّخ به أهل اليمن في تركهم نُصرة خالد بن عبد الله.
وأما أحمد بن زهر، فإنه حدّثه عن عليّ بن محمد؛ عن محمد بن سعيد العامريّ، عامر كلب، أنّ هذا الشعر قاله بعض شعراء اليمن على لسان الوليد يحرّض عليه اليمانية: