أَلمْ تهتجْ فتدّكرَ الوصالَا ... وحَبْلًا كان مُتَّصِلًا فزالا
بَلَي فالدَّمعُ منك له سِجَامٌ ... كماءِ المُزن يَنَسجِلُ انسجالا
فَدَعْ عنك ادِّكارَكَ آلَ سُعْدي ... فنحن الأَكثُرونَ حصًى ومالا
ونحن المالكون الناس قسْرًا ... نَسُومهُمُ المذَلّةَ والنكالا
وَطِئنا الأشعرينَ بعِزّ قيسٍ ... فيالك وطأَةً لن تُستقالا!
وهذا خالدٌ فينا أَسِيرًا ... ألا منعوه إنْ كانوا رجالا!
عَظِيمُهُمُ وسيّدُهُمْ قِديمًا ... جعلنا المُخْزِياتِ له ظلالا
فلو كانت قبائلَ ذاتَ عزٍّ ... لَما ذهَبَتْ صَنائِعُهُ ضَلالا
ولا ترَكوهُ مسلوبًا أسيرًا ... يُسامِرُ من سَلاسِلنِا الثقالا
- ورواه المدائنيّ: "يعالج من سلاسلنا" -
وكِنْدَةُ والسّكون فما استقالوا ... ولا برحَتْ خُيولهمُ الرّحَالا
بها سُمْنا البَريَّة كُلَّ خَسْفٍ ... وهَدَّمنا السُّهُولةَ والجبالا
ولكنّ الوقائع ضَعْضَعتهمْ ... وجَذَّتهُمْ وَردَّتهُمْ شِلالا
فما زالوا لنا أَبَدًا عَبيدًا ... نسُومُهُمُ المذلَّةَ والسِّفالا
فأصبحتُ الغداة عليَّ تاجٌ ... لمُلكِ الناس ما يَبغي انتِقالا
فقال عمران بن هلباء الكلبيّ يجيبه:
قِفي صدْرَ المَطِيَّةِ يا حلالا ... وجذّي حَبْل مَنْ قطعَ الوصالا
أَلمْ يحْزُنْكِ أنَّ ذوِي يَمانٍ ... يُرَي مَنْ حاذَ قَيْلهم جُلالا
جَعلنا للقبائِلِ مِنْ نزارٍ ... غَداة المَرْج أيامًا طِوالا
بنا مَلكَ المُملّكُ من قريش ... وأوْدَي جَدّ مَنْ أوَدي فَزالا
متى تلقَ السَّكُون وتلق كلبًا ... بعَبْس كل تَخْشَ مِنْ ملكٍ زوالا
كذاكَ المرءُ ما لم يُلفَ عَدْلًا ... يكون عليه منطِقُهُ وَبَالا
أَعِدُّوا آلَ حِمْيرَ إذْ دُعِيتُم ... سُيُوفَ الهندِ والأَسَلَ النهالا
ولَّ مُقلَّصٍ نَهدِ القُصَيْرَي ... وذا فَوْدَينِ والقُبَّ الجبالا
يَذَرْنَ بكلّ مُعْتَرَكٍ قتيلا ... عليه الطيرُ قد مَذِلَ السؤالا
لِئن عَيرْتمونا ما فعلنا ... لقد قلتمْ وجَدِّكُمُ مَقالا
لإخوانُ الأَشاعِثِ قَتَّلوهمْ ... فما وُطِئوا ولا لاقَوْا نكالا