الوليد كتاب معلّق في رمح، فيه: إنا نَدْعُوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وأن يصير الأمر شورى، فاقتتلوا فقتِل عثمان الخشبيّ، وقُتِل من أصحاب الوليد زهاءُ ستين رجلًا، وأقبل منصور بن جُمهور على طريق نِهيْا، فأتي عسكر الوليد مِن خلفهم، فأقبل إلى الوليد وهو في فُسطاطه؛ ليس بينه وبين منصور أحد. فلما رأيتُه خرجتُ أنا وعاصم بن هبيرة المَعَافريّ خليفة المخراش، فانكشف أصحاب عبد العزيز، ونكص أصحاب منصور، وصُرع سُميّ بن المغيرة وقُتِل، وعدل منصور إلى عبد العزيز، وكان الأبرش على فرس له يدعي الأديم، عليه قَلَنسوة ذات أذنين؛ قد شدّها تحت لحيته؛ فجعل يصيح بابن أخيه: يا بن اللخناء، قدّمْ رايتَك، فقال له: لا أجدُ متقدّمًا، إنها بنو عامر.
وأقبل العباس بن الوليد فمنَعه أصحاب عبد العزيز، وشدّ مولي لسليمان بن عبد الله بن دحْية - يقال له التركيّ - على الحارث بن العباس بن الوليد، فطعنه طعنة أذْراه عن فرسه؛ فعدل العباس إلى عبد العزيز، فأسقِط في أيدي أصحاب الوليد وانكسروا، فبعث الوليد بن يزيد الوليدَ بن خالد إلى عبد العزيز بن الحجاج بأن يعطيَه خمسين ألف دينار، ويجعل له ولاية حِمْص ما بقي، ويؤمِّنه على كلّ حَدَث، على أن ينصرف ويكفّ؛ فأبي ولم يجبه، فقال له الوليد: ارجعْ إليه فعاودْه أيضًا، فأتاه الوليد فلم يجبه إلى شيء، فانصرف الوليد؛ حتى إذا كان غيرَ بعيد عطف دابَّته، فدنا من عبد العزيز، فقال له: أتجعل له خمسة آلاف دينار وللأبرش مثلها، وأن أكون كأخصّ رجل من قومي منزلة وآتيك، فأدخل معك فيما دخلت فيه؟ فقال له عبد العزيز: على أن تحمل الساعة على أصحاب الوليد؛ ففعل. وكان على ميمنة الوليد بن أبي سفيان بن يزيد بن خالد، فقال لعبد العزيز: أتجعل لي عشرين ألف دينار وولاية الأردنّ والشركة في الأمر على أن أصير معكم؟ قال: على أن تحمل على أصحاب الوليد من ساعتك، ففعل، فانهزم أصحاب الوليد، وقام الوليد فدخل البَخْراء، وأقبل عبد العزيز فوقف على الباب وعليه سلسلة، فجعل الرّجل بعد الرّجل يدخل من تحت السلسلة.
وأتى عبْدَ العزيز عبد السلام بن بكير بن شمّاخ اللخميّ، فقال له: إنه يقول: أخرج على حُكْمك، قال: فليخرج؛ فلما ولّى قيل له: ما تصنع بخروجه! دعه يكفيكه الناس، فدعا عبد السلام فقال: لا حاجة لي فيما عَرَض عليّ، فنظرت