للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يسألا النجاشيّ تسليم من قِبَلَهُ وبأرضه من المسلمين إليهم. فشخَص عمرو وعبد الله إليه في ذلك، فنفذا لما أرسلهما إليه قومُهما، فلم يصلا إلى ما أمَّل قومهما من النجاشيّ، فرجعا مقبوحَين (١) (٢: ٣٣٥).


(١) ذكر الطبري هذا الكلام بلا إسناد ومعناه صحيح كما تقدم في الهجرة، وقد أخرج أحمد (٥/ ٢٩٠) عن أم سلمة ابنة أبي أمية بن المغيرة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: "لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار، النجاشي، أمنا على ديننا وعبدنا الله وحده لا نؤذى، ولا نسمع شيئًا نكرهه، فلما بلغ ذلك قريشًا، ائتمروا أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين جلدين، وأن يهدوا النجاشي هدايا ما يستطرف من متاع مكة، وكان أعجب ما يأتيه منها الأدم، فجمعوا له أدمًا كثيرًا ولم يتركوا بطريقًا من بطارقته إلا أهدوا له هدية، وبعثوا بذلك مع أبي عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي، وعمرو بن العاص بن وائل السهمي، وأمروهما أمرهم. وقالوا لهما: ادفعوا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلموا النجاشي فيهم، ثم قدموا للنجاشي هداياه. ثم اسألوه أن يسلمهم إليكم قبل أن يكلمهم.
قالت: فخرجا فقدما على النجاشي، ثم قالا لكل بطريق منهم: إنه قد ضوى إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم، وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم. وقد بعثنا إلى الملك فيهم أشراف قومهم ليردهم إليهم، فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه أن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم، فإن قومهم أعلم بهم عيبًا. وأعلم بما عابوا عليهم.
فقالوا لهما: نعم، ثم قربوا هداياهم إلى النجاشي، فقبلها منهم، ثم كلماه. فقالوا له: أيها الملك، قد صبا إلى بلدك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك، وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأبنائهم وعشائرهم لتردهم إليهم، فهم أعلم بهم عيبًا وأعلم بما عابوا عليهم، وعايبوهم فيه.
ولم يكن أبغض إلى عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص من أن يسمع النجاشي كلامهم. فقالت بطارقته حوله: صدقوا أيها الملك قومهم أعلم بهم عيبًا، وأعلم بما عابوا عليهم، فأسلمهم إليهم، فليردوهم إلى بلادهم وقومهم.
فغضب النجاشي وقال: لا هيم الله إذ لا أسلمهم إليهما ولا أكاد. قومًا جاوروني، ونزلوا بلادي، واختاروني على من سواي، حتى أدعوهم فأسالهم عما يقول هذان في أمرهم، فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهما، ورددتهم إلى قومهم، وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما، وأحتسب جوارهم ما جاوروني. قالت: ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعاهم، فلما جاءهم رسوله اجتمعوا فقالوا بعضهم لبعض: ما تقولون في الرجل إذا جئتموه؟ قالوا: نقول والله ما علمنا وما أمرنا به نبينا - صلى الله عليه وسلم - كائن في ذلك ما هو كائن، فلما جاؤوا وقد دعا النجاشي أساقفته، فنشروا مصاحفهم حوله، سألهم فقال: ما هذا الدين =

<<  <  ج: ص:  >  >>