للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الذي قد فارقتم فيه قومكم، ولم تدخلوا في ديني، ولا في دين أحد من هذه الأمم؟ قالت: وكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولًا منا، نعرف نسبه وصدقه، وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله -عزَّ وجلَّ- لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دون الله من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وشهادة الزور، وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئًا وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة. -قالت: فعدد عليه أمور الإسلام- فصدقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به، فعبدنا الله وحده لا نشرك به شيئًا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله -عزَّ وجلَّ-، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا -وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك.
قال: فقال النجاشي: هل معك مما جاء به من عند الله من شيء؟
قالت: فقال له جعفر: نعم. قالت: فقال له النجاشي: فاقرأه، فقرأ عليه صدرًا من (كهيعص) قالت: فبكى النجاشي، حتى أخضل لحيته، وبكت أساقفته، حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلي عليهم.
ثم قال النجاشي: إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة. انطلقا، فوالله لا أسلمهم إليكم، ولا أكاد.
قالت أم سلمة: فلما خرجا من عنده، قال عمرو بن العاص: والله لآتينه غدًا أعيبهم عنده بما أستأصل به خضراءهم.
فقال له عبد الله بن أبي ربيعة وكان أتقى الرجلين فينا: لا تفعل، فإن لهم أرحامًا وإن كانوا قد خالفونا.
قال: والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى ابن مريم - عليه السلام - عبد.
قالت: ثم غدا عليه، فقال: أيها الملك، إنهم يقولون في عيسى ابن مريم قولًا عظيمًا، فأرسل إليهم فسلهم عما يقولون فيه.
قالت: فأرسل إليهم ليسألهم عنه. قالت: ولم ينزل بنا مثلها قطُّ، واجتمع القوم، فقال بعضهم لبعض: ماذا تقولون في عيسى ابن مريم إذا سألكم عنه؟ قالوا: نقول والله ما قال الله، وما جاءنا به نبينا كائنًا في ذلك ما هو كائن. قالت: فلما دخلوا عليه قال لهم: ماذا ما تقولون في عيسى ابن مريم؟ فقال جعفر بن أبي طالب: نقول فيه الذي جاء به نبينا - صلى الله عليه وسلم -، =

<<  <  ج: ص:  >  >>