سليمان كتابًا بَخطه، يأمره أن يوجه معي ما أردت؛ فأتيتُ به سليمان، فوجه معي مسلم بن ذَكْوان في خمسة آلاف، فخرجت بهم ليلًا حتى أنزلتهم البطيحة، فتفرّقوا في القُري، وسرت أنا في طائفة منهم نحو طبريّة، وكتبوا إلى عسكرهم، فقال أهل طَبريّة: علام نقيم والجنود تجوس منازلنا وتحكم في أهالينا! ومضوا إلى حجرة يزيد بن سليمان ومحمد بن عبد الملك، فانتهبوهما وأخذوا دوابهما وسلاحهما، ولحقوا بقراهم ومنازلهم؛ فلما تفرّق أهلُ فلسطين والأردنّ، خرج سليمان حتى أتى الصِّنَّبْرَة، وأتاه أهل الأردنّ، فبايعوا ليزيد بن الوليد؛ فلما كان يوم الجمعة وجّه سليمان إلى طَبريَة، وركب مركبًا في البحيرة، فجعل يسايرهم حتى أتى طبريّه، فصلى بهم الجمعة، وبايع مَنْ حضر ثم انصرف إلى عسكره.
حدثني أحمد، قال: حدَّثنا عليّ، عن عمرو بن مَرْوان الكلبيّ، قال: حدّثني عثمان بن داود، قال: لما نزل سليمان الصَّنّبرة، أرسلني إلى يزيد بن الوليد، وقال لي: أعلِمْه أنك قد علمت جفاء أهل فلسطين، وقد كفي الله مؤونتهم، وقد أزمعت على أن أولِّيَ ابن سراقة فلسطين والأسود بن بلال المحاربيّ الأردنّ. فأتيت يزيد، فقلت له ما أمرني به سليمان، فقال: أخبرني كيف قلت لضِبْعان بن رَوْح؟ فأخبرته، قال: فما صنع؟ قلت: ارتحلَ بأهل فلسطين، وارتحل ابن جِرْو بأهل الأردنّ قبل أن يُصبِحا. قال: فليسا بأحقّ بالوفاء منا، ارجع فمرْه ألّا ينصرف حتى ينزل الرمْلة، فيبايعْ أهلها، وقد استعملتُ إبراهيم بن الوليد على الأردنّ وضِبعان بن رَوْح على فلسطين ومسرور بن الوليد على قنَّسرين وابن الحصين على حِمص. [٧/ ٢٦٧ - ٢٦٨].
ثم دعا الناس إلى تجديد البيعة له، فكان أول من بايعه الأفقم يزيد بن هشام، وبايعه قيس بن هانيء العبسيّ، فقال: يا أمير المؤمنين، اتّق الله ودُمْ على ما أنت عليه، فما قام مقامك أحدٌ من أهل بيتك؛ وإن قالوا: عمر بن عبد العزيز فأنت أخذتها بحبل صالح، وإن عمر أخذها بحبل سوء. فبلغ مروان بن محمد قولُه، فقال: ما له قاتله الله ذمّنا جميعًا وذمّ عمر! فلما وليّ مروان بعث رجلًا، فقال: إذا دخلتَ مسجد دمشق فانظر قيس بن هانيء، فإنه طالما صلّى فيه، فاقتله؛ فانطلق الرجل، فدخل مسجد دمشق، فرأى قَيْسًا يصلي فقتله.