وفي هذه السنة عَزل يزيد بن الوليد يوسف بن عمر عن العراق وولاها منصورَ بن جُمْهور.
ذكر الخبر عَنْ عزل يوسف بن عمر وولاية منصور بن جُمْهور:
ولما استوثق ليزيد بن الوليد على الطاعة أهل الشام، ندب - فيما قيل - لولاية العراق عبدَ العزيز بن هارون بن عبد الله بن دحية بن خليفة الكلبيّ، فقال له عبد العزيز: لو كان معي جند لقبلت، فتركه وولّاها منصور بن جمهور.
وأما أبو مخنف، فإنه قال - فيما ذكر هشام بن محمد عنه: قتل الوليد بن يزيد بن عبد الملك يوم الأربعاء، لليلتين بقيَتا من جمادي الآخرة سَنة ست وعشرين ومئة، وبايع الناس يزيد بن الوليد بن عبد الملك بدمشق، وسار منصور بن جمهور من البَخْراء في اليوم الذي قتِل فيه الوليد بن يزيد إلى العراق، وهو سابع سبعة، فبلغ خبرُه يوسفَ بن عمر فهرب، وقدم منصور بن جمهور الحيرة في أيام خَلْون من رجب، فأخذ بيوت الأموال، فأخرج العطاء لأهل العطاءِ والأرزاق، واستعمل حُريث بن أبي الجهم على وَاسط، وكان عليها محمد بن نُباتة، فطرقه ليلًا فحبسه وأوثقه، واستعمل جرير بن يزيد بن يزيد بن جرير على البصرة، وأقام منصور وولَّى العمال، وبايع ليزيد بن الوليد بالعراق، وفي كورها، وأقام بقيّة رجب وشعبان ورمضان، وانصرف لأيام بَقِينَ منه.
وأما غيرُ أبي مخنف فإنه قال: كان منصور بن جمهور أعرابيًّا جافيًا غَيْلانيًّا، ولم يكن من أهل الدّين، وإنما صار مع يزيد لرأيه في الغَيْلانيّة، وحميّةً لقتل خالد، فشهد لذلك قتل الوليد، فقال يزيد له لما ولاه العراق: قد وليتُك العراق فسر إليه، واتّق الله، واعلم أني إنما قتلت الوليد لفسقه ولمَا أظهرَ من الجوْر؛ فلا ينبغي لك أن تركب مثل ما قتلناه عليه، فدخل على يزيد بن الوليد يزيدُ بن حجرة الغسانيّ - وكان ديّنًا فاضلًا ذا قَدْر في أهل الشأم، قد قاتل الوليد ديانةً - فقال: يا أمير المؤمنين، أولّيتَ منصورًا العراق؟ قال: نعم، لبلائه وحسن معونته، قال: يا أميرَ المؤمنين؛ إنه ليس هناك في أعرابيّته وجفائه في الدين. قال: فإذا لم أولّ منصورًا في حسن معاونته فمَنْ أوَلِّي! قال: تولِّي رجلًا من أهل الدين والصلاح والوقوف عند الشبهات، والعلم بالأحكام والحدود؛ وما لي لا أري أحدًا من قيس يغشاك، ولا يقف ببابك! قال: لولا أنه ليس من شأني