بحريث إلا أمر مهمٌّ؛ ففتحوا الباب فدخلنا، فأخذنا العامل فاستسلم، وأصبحنا فأخذنا البَيْعة من الناس ليزيد بن الوليد.
قال: وذكر عمر بن شجرة أنّ عمرو بن محمد بن القاسم كان على السِّند، فأخذ محمد بن غزّان - أو عِزّان - الكلبيّ، فضربه وبعث به إلى يوسف، فضربه وألزمه مالًا عظيمًا يؤدّى منه في كل جمعة نجمًا، وإن لم يفعل ضرِب خمسة وعشرين سوطًا، فجفت يده وبعض أصابعه، فلما ولي منصور بن جمهور العراق ولّاه السِّند وسجستان، فأتى سجسْتان فبايع ليزيد، ثم سار إلى السند، فأخذ عمرو بن محمد، فأوثقه وأمر به حرَسًا يحرسونه، وقام إلى الصلاة، فتناول عمرو سيفًا مع الحَرَس، فاتّكأ عليه مسلولًا حتى خالط جوفه، وتصايح الناسُ؛ فخرج ابن غَزّان فقال: ما دعاك إلى ما صنعت؟ قال: خفت العذاب، قال: ما كنت أبلغ منك ما بلغتَه من نفسك. فلبث ثلاثًا ثم مات، وبايع ابن غزّان ليزيد؛ فقال يوسف بن عمر لسليمان بن سليم بن كيسان الكلبيّ حين أقرأه كتاب منصور بن جمهور: ما الرأي؟ قال: ليس لك إمام تقاتل معه، ولا يقاتل أهل الشأم الحارث بن العباس معك، ولا آمن عليك منصور بن جمهور إن قدم عليك، وما الرّأي إلا أن تلحق بشأمك؛ قال: هو رأيي، فكيف الحيلة؟ قال: تظهر الطاعة ليزيد، وتدعُو له في خُطبتك؛ فإذا قرب منصور وجّهتُ معك مَنْ أثق به. فلما نزل منصور بحيث يصبّح الناس البلدَ، خرج يوسف إلى منزل سليمان بن سليم، فأقام به ثلاثًا، ثم وجّه معه من أخذ به طريق السَّمَاوة حتى صار إلى البَلْقاء.
وقد قيل إنّ سليمان قال له: تستخفي وتَدع منصورًا والعملَ، قال: فعند مَنْ؟ قال: عندي، وأضعك في ثقة؛ ثم مضى سليمان إلى عمرو بن محمد بن سعيد بن العاص، فأخبره بالأمر، وسأله أن يؤويَ يوسف، وقال: أنت امرؤٌ من قريش، وأخوالك بكر بن وائل؛ فآواه. فال عمرو: فلم أر رجلًا كان مثل عُتُوّه رُعب رُعْبَه؛ أتيته بجارية نفيسة، وقلت: تدفئه وتطيِّب نفسه، فوالله ما قربها ولا نظر إليها، ثم أرسل إليّ يومًا فأتيته، فقال: قد أحسنتَ وأجملت؛ وقد بقيتْ لي حاجة، قلت: هاتها، قال: تخرجني من الكوفة إلى الشأم، قلت: نعم، وصبّحنَا منصور بن جمهور، فذكر الوليد فعابه، وذكر يزيد بن الوليد،